وعنه عن عائشة ، قالت : دَخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي جاريتان تُغَنِّيان بغناءٍ بعاث ، فاضطجع على الفِراش وحَوَّلَ وَجْهَه فَدَخَل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « دَعْهما » فلمّا غفل ، غَمَزتهما فخرجتا . [1] وروى الغز إلي في إحياء علوم الدين :
أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً وعنده جَوارٍ يتغنّين ويلْعَبْن فجاء عمر فاستأذَن فقال النبي للجواري : اسْكُتْنَ ؛ فَسَكَتْن فدَخَل عمر فَقَضى حاجتَه ثمَّ خَرَج ، فقال لَهُنّ : عُدْنَ ، فَعُدْن إلى الغناء ، فَقُلن يا رسول الله ! من هذا الذي كلَّما جاء قلتَ : « اسْكُتْنَ » وكلَّما خَرَجَ قلت : « عُدْنَ إلى الغِناء » ؟ فقال : « هذا رجل لا يُؤثر سَماع الباطل » . [2] وكيف يحلّ لِهؤلاء القوم روايةَ أمثال ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أيَرَونَ أنّ عمر أشرفُ من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حيث لا يُؤْثِر سَماع الباطل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤثره ؟ فَبِئس الامّة امّةً يعتقدون في نبيّهم بأمثال ذلك ، وأشهد بالله أنّ هذه وأمثالها ممّا وَضَعوا [ ه ] ، ليفسدوا به الإسلام وينصروا به مذهَبَهم وقد قيل : إنّ الزَنادِقَة وَضَعت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة عشر ألف حديث . وقيل : إنّ رجلًا من الخوارج رجع عن بدعته ، فجعلَ يقول : انظروا هذا الحديث ؛ عمّن تأخذونه ؟ فإنّا كنّا إذا رأينا رأياً جَعَلنا له حديثاً ، وكذا الحالُ في ما نقله في مجمع البيان [3] فإنّه مع كونه عاميّاً لا يُعْبأ به ولا بأمثاله وذلك لأنّ من رجاله سعد بن أبي وقّاص ، وقد روى أبو عمرو الكشي بإسناده إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام عن آبائه قال كتب عليّ عليه السلام إلى والي المدينة لا تعطيَنّ سعداً ولا ابن عمر من الفيء

[1] صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 3 وص 228 ؛ صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 2221 ؛ المبسوط للطوسي ، ج 8 ، ص 223 ؛ إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 303 ، كتاب آداب السَماع والوجد ، الباب الأوّل .
[2] . لم نجده في إحياء علوم الدّين ، كتاب آداب السماع والوجد .
[3] مجمع البيان ، ج 1 ، ص 16 ، المقدمة ، في الفنّ السابع .

560