فمن شرار خلق اللَّه بعد إبليس وفرعون ونمرود وبعد المتسمّين [1] بأسمائكم والمتلقّبين بألقابكم والآخذين لأمكنتكم والمتأمّرين فيما لكم ؟ قال : العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقائق وفيهم قال اللَّه عزّ وجلّ : * ( أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ ا للهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) * . [2] والغرض أنّ من لم يبلغ درجة الاستدلال ليس له طريق إلَّا العمل بقول العلماء ولا يجوز له العمل بقول العالم الفاسق ولا العاري عن مرتبة العلم وأهليّة الاستدلال وإن كان يجعل نفسه منهم فيحتاج إلى أن يميّز بين العالم والجاهل المتشبّه به بأنواع الخدع التي يوجب الاشتباه على الناقصين وبين الصالح والطالح المتشبّه به بالتلبيس وتحسين الظاهر وأنواع الخدع الموجبة للشبهة ، وطريق هذه المعرفة والتميّز دقيق مشكل يستشكل على الأجلَّاء الأزكياء وفحول العلماء وشرح ذلك طويل جدّا لا يليق بهذا المختصر ولكن القدر الذي يتعلَّق به التكليف ما يناسب عقل المكلَّف ومقدار طاقته ووسعه ومقدار فهمه وتمييزه فينبغي أن لا يغفل عن ذلك ويسعى في التمييز والتشخيص وحسن الاختبار وجودة الاختيار بالطرق والوجوه التي اقتدر عليها ؛ إذ كما لا يجوز التعويل على قول علماء السوء فكذلك لا يجوز القدح في العلماء مطلقا والطعن عليهم والحكم بفسادهم وهجرهم وترك الأخذ عنهم إذ بهم يعرف طرق الأحكام ومنهم يعلم معالم الحلال والحرام ؛ فإنّهم الوسائط بين الخلق وبين حجج اللَّه سبحانه أصحاب العصمة والطهارة ، وهم نقلة الأخبار وحملة الآثار وهم الكاشفون عن مصالح الدنيا والدين الدالَّون على المنهاج
[1] وفي بعض النسخ : « المسمّين » . [2] الاحتجاج ، ج 2 ، ص 510 - 513 ؛ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السّلام ، ص 298 - 302 والآية من سورة البقرة ( 2 ) : 159 .