بتلاوته وتخشع القلوب عند قراءته . . . ولقد أدركنا من شيوخنا مَن ليس له حُسن صوتٍ ولا دُرْبة له بالألحان إلَّا أنّه كان جيّد الأداء قيّماً بالألفاظ فكان إذا قَرأ أطرَب المسامع ، وأخذ من القلوب بالمجامع وكان الخَلق يجتمعون عليه ، ويزدحِمون على الاستماع إليه امَم من الخواصّ والعوامّ يشترك في ذلك من يعرِف العربيّ ومَن لا يعرفه من سائر الأنام مع تركهم جماعات من ذوي الأصوات الحسان ، عارفين بالمقامات والألحان ، لخروجهم عن التجويد والإتقان . وأخبرني جماعة من شيوخي وغيرهم إخباراً بلغ التواتر ، عن شَيخهم الإمام تقي الدين محمّد بن أحمد الصائغ المصريّ وكان استاذاً في حُسن الأداء وتجويد القراءة أنّه قرأ يوماً في صلاة الصبح : * ( « وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ » ) * [1] وكرّر هذه الآية فنزل طائر فوَقعَ على رأس الشيخ يستمع قراءته حتّى أكْملها فنظروا إليه فإذا هو هُدهُد » . [2] انتهى . وبما قرّرناه ظهر عدم وقعٍ لما تفوّه به سيّدنا المدعوّ بماجد من أهل القاسان [3] في رسالةٍ له في استحباب التلحين والتطريب والتغنّي والترجيع بالقرآن [4] ، ولقد جاوز فيها طَوْرَه ولم يعرف قَدْرَه ، بنسبته في مواضعَ منها علماءنا من السلف إلى الخَلَف جزاهم الله من الدين وأهله أفضل ما يستحقون إلى الجهل والغفلة والنسيان فَرَحِم الله امرءً عرف قدره ولم
[1] النمل ( 27 ) : 20 . [2] رياض السالكين ، ج 5 ، ص 404 . [3] . في حاشية النسخ : « المراد به الفاضل المعاصر دام فضله السيّد محمّد المدعوّ بماجد بن إبراهيم الحسيني القاساني . منه » . [4] يعني إيقاظ النائمين وإيعاظ الجاهلين ، المطبوعة هذه المجموعة .