إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)
يتعدّ طَوْرَه . فمنها قوله بعد نقله حديث أبي بصير عن أبي جعفرٍ الباقر [1] عليه صلوات الله الملك المنّان : هذا صريح في استحباب التغنّي بالقرآن بالمعنى اللُغَوي ، وتصريح بأنّ الصوت الحَسَن يشتمل على الترجيع ، والصوتُ المشتمِلُ على الحُسْن والترجيعِ مُطْرِب بالضرورة ، فيكون الصوت الحسَن غِناء بالمعنى اللُغوي ، إذ لا معنى له إلَّا الصوت المرجّع المطرِب فهو عليه السلام أمَرَ بالتغنّي بالقرآن وليت شعري أنّ المُحَرِّمين كيف يُسَوِّغون لأنفسهم طرحَ أمثال هذا الحديث ! وأيّ ضرورة دَعَتْهم إليه مع أنّه نُصَّ على صحّة أكثرها بل بلَغَت حدَّ التواتر بالمعنى ، وكيف غفَلوا عن تفريع الصوت الحسن على الترجيع ؛ بل عن تعليل الترجيع بِكون الصوت الحسن محبوباً لله تعالى في قوله عليه السلام حيث قال : « ورجِّع بالقرآن صوتك فإنّ الله يُحبُّ الصوت الحسن يُرجّع به ترجيعاً » . فَحَكموا بأنّ الصوت الحَسَن صوت خالٍ عن الترجيع ، فانتحله كلُّ خَلَفٍ عن سلفٍ ولا يتدبَّرون في هذا الحديث وأمثاله فيتفوّهون بما يشتهون ويتقوَّلون على الله ورسوله وهم لا يشعرون ، وبالجملة قد ثبت بالدليل العقلي والنقلي أنّ الصوت الحسَن صوت مرجّع مطرِب وكلُّ صوتٍ كذلك فهو غناء ، لِصدق حدِّه عليه في حاقّ ماهيته وصِرف
[1] عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفرٍ عليه السلام : إذا قرأتُ القرآن فَرَفعتُ صوتي جاءني الشيطانُ فقال : إنّما تُرائي بهذا أهلك والناسَ ، قال : « يا أبا محمّدٍ اقرأ قِراءَةً ما بين القراءَتين ، تُسمِعُ أهلك ورجِّع بالقرآن صوتَك فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّ الصوت الحسن يُرجّع به ترجيعاً » ( الكافي ، ج 2 ، ص 616 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 13 ) .