الأصحاب من الغناء المحرّمِ الحُداءَ واستثنى بعضُهم مراثي الحسين عليه السلام ولعلّ مستنده ما دلّ على جواز النوحة عليه أو مطلقاً مع أنّ الغالب اشتمال النوحة على الغناء وهو غير بعيدٍ . [1] انتهى كلامُه رُفِع مقامُه . أقول : لعلّ المحقّق ومن تأخّر عنه لمّا رأوا اتّفاق من تقدّم عليهم على تحريم الغناء مطلقاً من غير فرقٍ فيه بين وقوعه بالقرآن والشعر والدّعاء ، مع تظافر الأخبار الصحيحة والقويّة الدالَّة عليه في طريقتهم ، وضَعف ما ينافيها ، صرّحوا بذلك من غير استثناء [2] لأنّ الروايات الدالَّة على جواز تحسين الصوت والتحزين والترجيع في القرآن كلُّها مدخولة سنداً إلَّا قويّة أبي بصير [3] ؛ لا بل ضعيفته بعليّ بن أبي حمزة البطائني قائد أبي بصيرٍ فإنّه من رجال هذه الرواية وهو كذّاب مُتَّهم ملعون واقفيٌّ شديدُ العَداوة للرضا عليه السلام ؛ ورَدَ فيه ما ورد من اللعن والطعن [4] ، فلا وَجْه لعدِّها قويّةً ، لأنّ القويّ من الحديث ما يرادف الموثق منه وهو ما دخل في طريقة مَن نَصَّ الأصحاب بتوثيقه مع فساد عقيدته وعدم اشتمال ما في الطريق على ضعف وإلَّا لكان ضعيفاً ، فإنّه يتبع الأخسّ ؛ نعم قد يُطلق القويّ على ما رواه الإماميّ غير الممدوح ولا المذموم . وقد عرفت أنّ البطائني واقفي كذّاب مذموم ، قال الرضا عليه السلام بعد مَوته : « إنّه اقْعِد في قبره فَسُئلَ عن الأئمّة فأخبر بأسمائهم حتّى انتهى إليّ ، فوقف فَضُرب على رأسه ضربةً امتلأ قبره ناراً » . [5] وقال أحمد بن الحسين بن عبد الله بن الغضائري رحمه الله : « عليّ بن أبي حمزة لعنه الله ، أصلُ الوقف وأشدُّ الخَلق عَداوةً لِلْوليّ
[1] انتهى كلام المحقّق السبزواري في كتاب الشهادات من كفاية الأحكام . [2] انظر : إرشاد الأذهان ، ج 2 ، ص 156 ؛ التنقيح الرائع ، ج 2 ، ص 11 . [3] الكافي ، ج 2 ، ص 616 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 13 . [4] مجمع الرجال ، ج 4 ، ص 154 . [5] مجمع الرجال ، ج 4 ، ص 154 .