المتواترة الدالَّة على فضل قراءة القرآن والأدعية والأذكار ، مع عمومها لغةً ، وكثرتها وموافقتها للأصل ، والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه . فإذَن لا ريبَ في تحريم الغِناء على سبيل اللهو والاقتران بالملاهي ونحوهما . ثمّ إنْ ثبت إجماع في غيره كان متّبعاً وإلَّا بقي حكمه على أصل الإباحة . وطريق الاحتياط واضح . والمشهور بين الأصحاب استثناء الحداء وهو سوق الإبل بالغناء لها ولا أعلم حجّةً عليه إلَّا أن يقال بِعَدم شمول أدلَّة المنع له . واختلفوا في فعل المرأة له في الأعراس إذا لم تتكلَّم بالباطل ولم تعمل بالملاهي ولم يسمع صَوتها الأجانب من الرجال ، فأباحه جماعة ، منهم الشيخان [1] وكَرِهَه القاضي ، [2] وذهب جماعة منهم ابن إدريس [3] إلى التحريم استناداً إلى أخبارٍ مطلقةٍ ، ووجوب الجمع بينها وبين الصحيح الدالّ على الجواز يقتضي المصير إلى القول الأوّل . وعن بعضهم [4] استثناءُ مراثي الحسين عليه السلام ، وهو غير بعيدٍ . وكثير من الأخبار المعتمدة وغيرها يدلّ على تحريم بَيع الجواري المغنّيات وشرائهنّ وتعليمهنّ الغِناء [5] ، وبإزائها الرواية السابقة المنقولة عن علي بن الحسين وعن
[1] النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى ، ص 367 ، باب المكاسب المحظورة والمكروهة والمباحة . [2] المهذّب ، ج 1 ، ص 346 ، باب ضروب المكاسب . [3] السرائر ، ج 2 ، ص 222 ، باب ضروب المكاسب . [4] مجمع الفائدة ، ج 8 ، ص 61 . [5] الكافي ، ج 5 ، ص 120 .