يصنعه الفسّاق في غنائهم . ويؤيِّده رواية عبد الله بن سِنان المذكورة ؛ فإنّ في صدر الخبر الأمر بقراءة القرآن بألحان العرب ؛ واللَحْن هو الغناء ، ثمّ بعد ذلك ، المنع من القِراءة بِلحُون أهل الفسق ثمّ قوله : « سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغِناء » . وثانيهما : أن يقال : المذكور في تلك الأخبار الغِناء ، والمفرد والمعرّف باللام لا يدلُّ على العموم لغةً ، وعمومه إنّما يستنبط من حيث إنّه لا قرينة على إرادة الخاصّ ، وإرادة بعض الأفراد من غير تعيين تنافي غرض الإفادة وسياق البيان والحكمة ، فلا بدّ من حمله على الاستغراق والعموم . وهاهنا ليس كذلك ، لأنّ الشائع في ذلك الزمان ، الغناء على سبيل اللهو من الجواري المغنّيات وغيرهنّ في مجالس الفجور والخمور والعمل بالملاهي والتكلَّم بالباطل وإسماعهنّ الرجال وغيرها ؛ فَحَمْل المفرد على تلك الأفراد الشائعة في ذلك الزمان غير بعيدٍ . ويؤيّده ما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد عن علي بن جعفر بإسنادٍ لا يبعد إلحاقه بالصحاح عن أخيه ، قال : سألته عن الغِناء هل يصلح في الفِطر والأضحى والفَرَح ؟ قال : « لا بأس ما لم يعصَ به » . [1] وفي كتاب عليّ بن جعفر قال : سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفَرَح ؟ قال : « لا بأس ما لم يأمر به » . [2]
[1] قرب الإسناد ، ص 294 ، باب ما يجوز من الأشياء ، ح 1158 ؛ البحار ، ج 79 ، ص 255 . [2] مسائل علي بن جعفر ، ص 156 ، ح 219 . وفي نسخةٍ : « ما لم يزمر به » .