إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)
المقصد الثاني في تتميم القول في تحقيق الحقّ من طريق آخر وهو بناء الكلام - مع المنكرين المحرّمين - على أنّ الغناء في جميع الأحاديث الواردة مستعمل في معناه اللغوي تنزّلا ومماشاة معهم . فنقول وباللَّه التوفيق : الغناء كما حقّقته في المسألة اللغويّة من الألفاظ المشتركة واستعمل في الأحاديث المذكورة مفردا ولا يمكن أن يكون مستعملا في كلا معنييه في استعمال واحد لما عرفت في المسألة الأولى الأصوليّة ؛ فوجب أن يكون مستعملا في أحد معنييه ، فالغناء المنهيّ عنه في الأحاديث المذكورة يجب أن يكون مستعملا في كلّ حديث في معنى واحد ، وكذا مبدأ اشتقاق الفعل والاسم في الأحاديث التي تدلّ على إباحته واستحبابه ، فحينئذ لا يخلو إمّا أن يكون الغناء المنهيّ عنه مستعملا في الصوت المرجّع المطرب بمعنى المفرح ، والغناء المرغوب فيه أو المطرب بمعنى المحزن ، كما يظهر من سياق وصف المنهيّ عنه باللهو والباطل والمرغوب فيه بالحزن وكونه مذكَّرا للجنّة ، فلا تناقض ولا تعارض بين الطرفين على هذا التقدير إذ يفيد أحدهما أنّ هذا النوع من الغناء حرام والآخر يفيد أنّ ذلك النوع منه مباح ومرغوب فيه ، فبم يتمسّك هؤلاء إلى تحريم مطلقه ؟ ! وإن قالوا : إنّ الغناء بأحد معنييه فقط مستعمل في كلا الطرفين - يعني الغناء بمعنى الصوت المرجّع المفرح مثلا مستعمل في كلا الطرفين أو بمعنى المحزن مستعمل فيهما - فمع بطلان هذه الدعوى وامتناع إثباتها نقول : كلا الطرفين مشتملان على صحاح الأخبار ؛ وتعادل الامارات يوجب التساقط كما عرفت في المسألة الأخرى الأصولية ، والتمسّك بالبراءة يقرّر الغناء على الإباحة