وفي الفقيه سأل رجل علي بن الحسين عن شراء جارية لها صوت فقال : « ما عليك لو اشتريتها فذكَّرتك الجنّة » . [1] قال الفقيه : « يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء ، وأمّا الغناء فمحظور » . [2] وكلامه هذا يشعر بأنّ الغناء عنده عبارة عن سماع الباطل كما ذكرنا قبله من تفسير العامّة بهذا . وأقول : هذه هي الأخبار الدالَّة على جواز التغنّي بالمعنى اللغوي وتحسين الصوت بالقرآن وفي الأعراس وفي غيرها ، وأمّا المانعون منها مطلقا فهم المحرّمون ما أحلّ اللَّه ، وستعرف حقيقة حالهم وسوء مآلهم بعون اللَّه تعالى ، ولنذكر الأحاديث التي تدلّ على حرمة الغناء التي صارت حقيقة في الأصوات الملهية التي كانت شغل المغنّيات لجذب الفسّاق تقريرا وتوضيحا لما ادّعيناه . منها ما أورده في الكافي وفي التهذيبين عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات ، فقال : « شراؤهنّ وبيعهنّ حرام ، وتعليمهنّ كفر ، واستماعهنّ نفاق » . [3] وفيه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام يقول : « المغنّية ملعونة وملعون من أكل كسبها » . [4] أقول : هذان الحديثان يدلَّان صريحا على أنّ المراد بالمغنّية ما نبّهناك على حقيقة حالها في « التبصرة » خصوصا ما في الحديث الأخير من التصريح على حرمة