الحسن الصوري إلَّا التناسب بين الأعضاء ومواضعها ، وحسن الصحبة لا الموافقة في جميع الأحوال . وهذا سرّ حثّ الشارع على المواظبة على الجمعة والجماعات ، إذ بها يتحقّق الائتلاف بين أفراد النوع المقتضي لحسن المعاش وحفظ التمدّن على أحسن وجه ، وبهذا يظهر سرّ ما ورد في الخبر من أنّ « الغيبة أشدّ من الزنا » [1] لأنّ الأول تؤدّي إلى الفرقة المنهيّة عنها ، والثاني إلى الألفة المنهيّة عنها ، والألفة خير من الفرقة وإن كان الزنا باعتبارات أخر أشدّ نكالا وأعظم وبالا منها ، لأدائه إلى افتراقات وشرور كثيرة . ويرشدك إلى حسن المناسبة وبهائها أنّ حكاية الصور القبيحة والأصوات الكريهة ممّا تميل إليها الطباع وتلتذّ بها وإن كانت تتنفّر عن المحكيّ عنها ، وهذا سرّ جعل اللَّه أعضاء الأطراف اثنين اثنين ، كالحاجبين والعينين ، وتوحيد التي وقعت في البين لئلَّا يكون أحد الطرفين في كمال المباينة مع الطرف الآخر المؤدّية إلى قبح الخلقة ، ولهذا يبذل البنّاؤون جهدهم في بناء الدار على موافقة أطرافها ويعبّرون عنها في عرفهم بالقرينة ، ولو قصدنا تبيين هذا المطلب لطال بنا الكلام ، وإنّما غرضنا التنبيه على أنّ حسن الصوت لا يتحقّق إلَّا بتحقّق جهة الوحدة بين أجزائها ، ولا تتحقّق الأجزاء إلَّا بالترجيع . كما عرفت من التنظير بالحركة حسبما مرَّ ، ويدلّ عليه حديث أبي بصير ، فإنّه صريح في أنّ الصوت الحسن صوت مترجّع مطرب ، وسيأتي ذكره . وأمّا الظاهريّون من المتفقّهة المقتصرون على تعلَّم الفروع لمّا وجدوا في