إذا لم تكن مشتملة على المناسبة أو المخالفة لم تتّصف بالحسن والقبح ، بل تتّصف بأمر آخر كالحدّة ومقابلها ، ومن أراد زيادة الاطَّلاع فليطالع مصنّفاتهم . [1] * ( ولا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) * . [2] وإنّما مقصودنا في هذه الرسالة التنبيه على أنّ حسن الصوت إنّما يتحقّق بمناسبات عددية فيه ، وهي موقوفة على تحقّق التراجيع ، وهذا أمر ظاهر على من له أدنى تأمّل في حال الأصوات ، فإنّه يجد أنّ الصوت المستقيم من غير ترجيع لا يتّصف بشيء من الحسن والقبح ، وبالجملة مدارهما بالمناسبة والمخالفة العدديّتين . تنبيه : وإنّما كانت المناسبة المذكورة سببا للحسن والبهاء إذ بها تتحقّق جهة الوحدة بين الأمور الكثيرة المتغايرة المتباينة ، وهذه ممّا يحسّنها ويزيّنها وبها يرجع تعديل فضائل الصفات ، ولها شأن عظيم وتترتّب عليها آثار شريفة . وأمّا أنّه لم كانت جهة الوحدة بينها سببا للحسن والبهاء فهو من أسرار يكشفها العلم الإلهي وليس هذا المقام موضع بيانه . [3] وبالجملة ، جهة الوحدة بين الكثيرين المعبّر عنها بالمناسبة أو الموافقة والمؤالفة أو ما يجري مجراها يؤدّي إلى الحسن والجمال [4] وليس سبب
[1] راجع بهجة الروح ، ص 31 ؛ جامع الألحان ؛ مفتاح الطب ومنهاج الطلاب ، أبو الفرج هندو ، بغداد ، ص 56 و 57 ؛ كامل الصناعة ، علي بن عباس ، بغداد ، ج 1 ، ص 12 ؛ كتاب الحيوان ، جاحظ ، بيروت ، ج 4 ، ص 191 ؛ العقد الفريد ، ج 6 ، ص 5 - 63 ؛ بحور الألحان . [2] فاطر ( 35 ) : 14 . [3] في نسخة الفيضيّة : « ساريست سرّ عشق در أعيان على الدوام * كالشمس في الدجية والبدر في الظلام لأنّ الوحدة نفس الوجود وهو في كمال البهاء والجمال ، وكلّ ما كان أتمّ كان أجمل وأكمل ، ولهذا كان لم هو ؟ وما هو ؟ في الحضرة الحقّة واحدا » . [4] في نسخة الفيضية : « بخلاف الكثرة ، فإنّها مناط القبح والنفرة والتشويه ولهذا ورد أنّه « يحشر الناس على وجوه يحسن عندها القردة » وذلك أنّ أجزاء القردة من حيث إنّها أجزاء لها ، لها تأليف ما ومناسبة ما بخلاف ما إذا حشر زيد حسبما يمكن فيه الرذائل على حسبما تقتضيه تلك الرذائل من الصور فحينئذ [ يحشر ] بارزا فيه كلّ رذيلة رسخت فيه بصورة ، فتتكثّر فيه الصور بلا مناسبة بينها فيوجب التنفّر غاية النفرة بحيث يحسن عندها القردة » .