وبعضها يورث الإغماء كما في تلقّي عدوّ قاهر وسبع مفترس دفعة ، وبعضها يهيّج الشهوات كالنظر إلى المرأة الحسناء ، وبعضها يورث الضحك كرؤية حركات أصحاب السخر والمجون ، وبعضها يورث الانزجار عن زخارف الدنيا والشوق إلى نعيم العقبى كما في رؤية الزاهدين وعبادة الخاضعين وقس عليها سائر ما لم يذكر - كذلك مدركات السمع من النغمات لها أحكام متباينة وآثار متخالفة بعضها يوجب السرور والانبساط ، وبعضها يورث الضحك ، وبعضها يورث البكاء ، وبعضها يهيّج الشهوات ويزيّن السيّئات ، وبعضها يورث الانزجار عن عالم الحسّ ، وبعضها يورث الغشي والإغماء . وآثار هذه أشدّ وأكثر من آثار مدركات البصر لكون مادّتها ألطف من مادّة مدركات البصر وأقرب إلى البرزخ بين العالمين . وبالجملة لها آثار غريبة وتأثيرات عجيبة ، حتى أنّ الحذّاق من أطبّاء اليونان كانوا يعالجون الأمراض المخوفة كالدقّ وأمثاله بالنغمات والألحان ، للموسيقيين في بيان خواصّها وتأثيراتها مصنّفات . علم الموسيقى وموضوع علم الموسيقى هو الصوت المعروض للمناسبات العدديّة من حيث إنّه معروض للمناسبات العدديّة ، أو الأعداد الموجودة في المادّة أعني الصوت ، والمآل واحد ، فيبحث فيه عن كيفيّة مناسبات اللحون واتّفاقها وكيفيّة تأليفها واختلافها . وبالجملة يبحث فيه عن كيفيّة الاتّفاق والاختلاف . وبيّنوا أنّ تحقّق الأعداد المذكورة ، إنّما يتحقّق بالتراجيع ، فإن كان الصوت على استقامته من غير ترجيع يكون واحدا ، فإذا رجّع بترجيع واحد صار اثنين ، وإذا رجّع بترجيعين صار ثلاثة ، وهكذا ، وهذا كالحركة فإنّها ما دامت على استقامتها تكون واحدة ، وإذا انعطفت أو رجعت تصير متعددة . وبيّنوا فيه أنّ النغمات إذا كانت متناسبة تكون حسنة ، وإن كانت مختلفة كانت قبيحة ، وأمّا