وفيه دلالة على أنّ الغناء عنده بمعنى الترجيع . ونقل عن غير أبي عبيد : « أنّ المراد من لم يحسن صوته بالقرآن فيرجّع فيه » . [1] وقد نقل السيّد المرتضى في كتاب الغرر والدرر أوّلا ، ما ذكره أبو عبيدة وثانيا ، الوجه المنقول عن غيره ، ثمّ نقل عن ابن الأنباري وجها ثالثا وهو أنّ المراد من لم يستلذّ بالقرآن ويستحله ويستعذب تلاوته كاستحلاء أصحاب الطرب للغناء . ثمّ ذكر السيّد : إنّ جواب ابن أبي بكر أبعد الأجوبة ؛ لأنّ التلذّذ لا يكون إلَّا في المشتهيات وكذلك الاستحلاء والاستعذاب ، وتلاوة القرآن وتفهّم معانيه من الأفعال الشاقّة فكيف يكون ملذّا مشتهى ؟ فإن عاد إلى أن يقول : قد تستحلى التلاوة من الصوت الحزين قلنا : هذا رجوع إلى الجواب الثاني الذي رغبت عنه وانفردت عند نفسك بما يخالفه . [2] انتهى . وفيه تأييد لما ذكرناه من اجتماع الإطراب والترجيع غالبا . وقد قيل في تفسير الخبر غير ما ذكرنا من الوجوه [3] ولكن لا يتعلَّق غرض بإيراده . وظنّي أنّ التغنّي والتطريب والترجيع واللَّحن والتغريد والترنّم ألفاظ متقاربة في المعنى أو اجتماع بين معانيها غالبا ولهذا تراهم يوردون بعض هذه الألفاظ في تفسير بعض آخر . ومنهم من يعكس الأمر ومنهم من يورد اثنين أو ثلاثة منها في تفسير واحد عاطفا بينها بالواو ولعلَّه لغرض زيادة التفهيم لاختلاف هذه الألفاظ في الوضوح والخفاء بالنسبة إلى الأشخاص وهذا من عاداتهم . وإن أردت أن يتّضح لك ذلك فانظر إلى ما أذكر من عباراتهم مضافا