طالع كتبهم و عرف أحوالهم و بحثهم عن الرواة لا يبقى عنده شكّ في ذلك ؛ على أنّ كثيرا من أصحاب المذاهب الفاسدة قد أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم ، و قد صرّح الشيخ في خطبة الفهرست بأنّ كثيرا من أصحاب الكتب و الأصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة و إن كانت كتبهم معتمدة . [1] و أمّا عرض الحديثين على مذهب العامّة فهو مخصوص بصورة اختلاف الحديث ، مع أنّه يقتضي جواز النظر في كتبهم لتحصيل الحكم المعيّن لأجل مخالفته ، و إذا كان هذا هو الغرض دلّ على ما قلناه لا على ما تضمّنه السؤال . و أمّا قولهم عليهم السّلام : « خذوا الحكمة ، إلخ » فهو حكم منوط بما يعلم كونه حكمة بموافقته للدليل القطعي و لقول الأئمّة عليهم السّلام و لا كلام فيه ، إنّما الكلام فيما كان من هذه الكتب أمره مشتبه أو فيه حكمة و ضلال ، و جميع كتب العامّة بهذا الوصف ، بل ضلالها أكثر بحيث يتعسّر التمييز بينهما جدّا في أكثر المواضع ؛ لأنّهم بالغوا في تحسين ظواهر مذاهبهم ، فمن نظر في كتبهم قبل أن تتمكَّن معرفته بعلوم الأئمّة عليهم السّلام فهو خطر عظيم ، و ربما رسخت في قلبه شبهة من كلام العامّة بحيث لا تزول ؛ لأنّ الشيطان لا يزال يحسّنها له و يرغَّبه فيها . نسأل اللَّه العفو و العافية و أن يكفينا و جميع المؤمنين شرّ شياطين الجنّ و أتباعهم ، بل رؤسائهم من شياطين الإنس ؛ إنّه على كلّ شيء قدير . الفصل الحادي عشر في بيان من قلَّده المائلون إلى إباحة الغناء و ذكر بعض أحواله لا يخفى عليك أنّ كلّ من قال بجواز هذا القسم من الغناء مقلَّد للغزّالي أو غيره من العامّة ، فأمّا غيره ممّن ذكرنا في أوّل الرسالة فظهور نصبه و عداوته كاف