باللغة حتّى أنّ ابن إدريس حكم بغلط الشيخ الطوسي في حكاية [1] القائد عبد الرحمن بن عتّاب بمكَّة بأنّه مخالف لما ذكره البلاذري [2] أنّها وقعت باليمامة ، و البلاذري أعرف بهذا الشأن ؛ لأنّه من أهل السيرة . [3] و من هذا الباب رجوع المسلمين إلى اليهود و النصارى في الطبّ و بناء بعض أحكام الشرع الجزئية على قولهم عند ظهور حذقهم ، و كذلك علماء العامّة مع شدّة عنادهم و تعصّبهم يرجعون إلى علماء الخاصّة في اللغة كالخليل و ابن السكَّيت و ابن دريد و ابن خالويه و غيرهم ، مع أنّك قد عرفت أنّ هذا مستغنى عنه ؛ لما مرَّ . و عن الثاني أنّه من المعلوم أنّ الشيعة في زمن النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام في مدّة تقارب ثلاثمائة سنة و بعد الغيبة أيضا ما زالوا في غاية الحرص على رواية أحاديثهم عليهم السّلام و تصحيحها ، و قد علمنا أنّهم لم يرووا شيئا عن أمثال هؤلاء حتّى عرضوه على الأئمّة عليهم السّلام أو على الأصول المجمع على صحّتها ، أو دلَّت على صحّة مضمونه القرائن الصحيحة ، و كلّ ذلك معلوم من طريقة القدماء . و كلّ من
[1] حكاية عبد الرحمان بن عتّاب هي ما ذكره الشيخ المفيد ( طاب ثراه ) في الجمل ، ص 364 بقوله : « قطعت يوم الجمل يد عبد الرحمان و فيها الخاتم ، فأخذه نسر فطرحه باليمامة ، فأخذه أهل اليمامة و اقتلعوا حجره و كان ياقوتا ، فابتاعه رجل منهم بخمسمائة دينار ، فقدم به مكّة فباعه بربح عظيم » و قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، ج 11 ، ص 124 : « و عبد الرحمان هذا هو الذي احتملت العقاب كفّه يوم الجمل و فيها خاتمه ، فألقتها باليمامة فعرفت بخاتمه ، و علم أهل اليمامة بالوقعة » . [2] أنساب الأشراف ، ج 1 ، ص 456 ، القسم الرابع . [3] السرائر ، ج 1 ، ص 167 - 168 : « قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه اللَّه في مسائل خلافه [ ج 1 ، ص 716 ، المسألة 527 ] : و أيضا روي أنّ طائرا ألقت يدا بمكّة من وقعة الجمل ، فعرفت بالخاتم ، و كانت يد عبد الرحمان بن عتّاب بن أسيد ، فغلسها أهل مكّة و صلَّوا عليها . قال محمّد بن إدريس : الصحيح أنّ اليد ألقيت باليمامة ، ذكر ذلك البلاذري في تاريخه ، و هو أعرف بهذا الشأن ، و أسيد بفتح الألف و كسر السين » .