تروي عن الواقفية و الفطحية و غيرهم من أصحاب المذاهب الفاسدة كثيرا ، و هو يخالف الأحاديث المذكورة بحسب الظاهر . و قد روي أيضا أنّه يجب عرض الحديثين المختلفين على مذاهب العامّة و العمل بما يخالفهم . [1] و روي أيضا « خذوا الحكمة و لو من أهل الضلال » . [2] و في الحديثين دلالة على جواز مطالعة كتبهم . قلت : أمّا الجواب عن الوجه الأوّل فهو أنّا قد نقلنا ذلك التفسير عن الأئمّة عليهم السّلام أوّلا ثمّ عن علماء اللغة و الفقهاء من الإمامية ، فاجتمع - كما رأيت - قول أهل العصمة و علماء الخاصّة و العامّة ، على أنّه لو لم ينقل إلَّا عن علماء العامّة ذلك التفسير لكان ينبغي قبوله ؛ لأنّ بيان معنى كلمة ليس محلّ تهمة ، و قد قيل في كلام العلماء و الحكماء : « استعينوا على كلّ صناعة بأهلها » ، و صحّة الرجوع إلى أصحاب الصناعات البارعين في علمهم فيما اختصّ بصنائعهم ممّا اتّفق عليه العقلاء في كلّ عصر و زمان ؛ فإنّ أهل كلّ صنعة [3] يسعون في تصحيح مصنوعاتهم و صيانتها و حفظها عن مواضع الفساد ، و يسدّون مجاري الخلل بحسب جهدهم ؛ لئلَّا يسقط محلَّهم عند الناس ، و لا يشتهروا بالجهل و عدم المعرفة و إن كانوا فسّاقا أو كفّارا ، و هذا أمر مشاهد محسوس مرتكز في النفوس و لا يحتاج ذلك إلى أكثر من اختبارهم و الاطَّلاع على حسن صنعتهم وجودة معرفتهم إمّا بالسماع و الشياع أو تصديق أهل ذلك الفنّ ، فإذا استمرّ ذلك في الأعصار المتطاولة زاد الوثوق و تعيّن القبول . و على ذلك قد عوّل علماؤنا الأخباريون و الأصوليون ، و أجمع على ذلك المتقدّمون من الإمامية و المتأخّرون . و كتبهم مشحونة بذلك حتّى أنّ بعض علمائنا المتقدّمين يرجّحون تفسير بعض علماء اللغة من العامّة كأبي عبيد الهروي و ابن فارس على تفسير رئيس المحدّثين أبي جعفر بن بابويه ؛ بناء على أنّهم أعلم منه
[1] سبق تخريجه قبيل هذا . [2] نهج البلاغة ، ص 481 ، الحكمة 80 ، و فيه : « و لو من أهل النفاق » . [3] في المخطوطة : « فإنّ كلّ أهل صنعة » .