الموسيقى في التقطيعات ، لكن لا بحيث تشمل الأفراد المذكورة ، أو على أنّ الغناء راجع إلى العرف و هذا لا يسمّى في العرف غناء ، أو على أنّ حقيقة الغناء مجهولة لنا ، و لم يثبت أنّ هذه الأفراد غناء و أصل الأشياء على الإباحة . و الجواب عن الجميع ظاهر بعد ما تقدّم ؛ فإنّ علماء العربية من أهل اللغة و الفقه و غيرهم قد فسّروا الغناء ، كما عرفت ، و لا سبيل إلى معرفة معاني الألفاظ العربية خصوصا للعجمي إلَّا بالنقل عنهم ، و من لم يقبل ذلك فقد كابر و جازف و ظهر سقوط قوله و بطلان دعواه . و جميع ما تقدّم دالّ على تحقّق الغناء بما ذكر في القرآن و غيره ، و تحريمه مطلقا . و قد قال الجوهري : « إنّ ما يسمّيه العجم دو بيتي غناء » . [1] و كثير من الأشعار المذكورة يصدق عليها ذلك ، و قد صرّح فقهاء الإمامية - كما عرفت سابقا - بشمول الغناء لما ذكر هنا من الأذكار و الأشعار و القرآن . و نحو ذلك تصريح جماعة من العامّة حتّى الشيخ الغزّالي المشهور عندهم ب « حجّة الإسلام » فقد ذكر في بحث الغناء تفصيلا طويلا و أقساما سبعة ، منها غناء المحبّين العارفين لأجل تهيّج الشوق و الوجد . [2] و كلام السيّد المرتضى السابق يؤيّد ما قلنا . و في كتاب إحياء العلوم ما يوضح ما ذكرنا و يدلّ على أنّ مثل ذلك غناء . و قد عرفت النصوص العامّة و الخاصّة بالقرآن المشتملة على النهي عن الترجيع مع التأكيد و التهديد . و أمّا رجوع الغناء إلى العرف ، فإنّ العرب لا يشكَّون في أنّ ما ذكرناه غناء . و ناهيك بنصّ علماء العربية و فقهاء العرب و شهادة ثقاتهم و أعيانهم الآن . و أمّا دعوى أنّ حقيقة الغناء مجهولة و التعلَّل بأصالة الإباحة فهي أظهر فسادا ؛ لأنّ النصوص الصحيحة و الأدلَّة القطعية دلَّت على تحريم الغناء و على
[1] لم نجده في مادّة « غنى » من الصحاح المطبوع حديثا . [2] إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 300 - 306 .