الممدوحين بترك الزنى و غيره من المحرّمات المذكورة ، حيث تضمّن تفسير الآية بذلك ، بل ظاهرها حصر « عباد الرحمن » في أصحاب الأوصاف المذكورة ، و هو يدلّ على أنّ فاعل الغناء ليس من حزب اللَّه ، بل من حزب الشيطان ، فيقتضي التحريم . و منها : ما تضمّن أنّ سامع الغناء و فاعله مستحقّ للعقوبة و النقمة ، و لا تجاب له دعوة ، و لا يحضره أحد من الملائكة ، بل تضمّن أنّ من دخل ذلك البيت استحقّ الانتقام منه ، و أنّه لا تستجاب له دعوة ، سواء غنّى أم سمع أم انتفى عنه الأمران ، و أنّ الملك لا يدخل ذلك البيت أصلا ، لا في وقت الغناء و لا في غيره ؛ إذ الكلام مطلق ، و في ذلك من التأكيد و المبالغة في النهي و الترهيب ما لا يخفى على العاقل اللبيب . و منها : ما يدلّ على أنّ الغناء من جملة الكبائر التي توعّد اللَّه عليها بالنار في القرآن المجيد الذي * ( لا يَأْتِيه ِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ِ وَلا مِنْ خَلْفِه ِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) * [1] ، و أنّ من فعله كان ممّن يضلّ عن سبيل اللَّه ، و يستهزئ بدين اللَّه ، و يستحقّ العذاب المهين . و أيّ مبالغة أعظم من ذلك ، و أيّ ترهيب أعظم منه ؟ و هل يقدر عاقل يخاف اللَّه أن يقول بعد ذلك : « قد أباحه بعض العامّة و أنا أقلَّده فيه » ؟ ! و منها : ما تضمّن أنّ الغناء من أسباب حصول النفاق و علامات تمكَّنه في القلب ، و ناهيك بذلك ردعا للعاقل و تنبيها للغافل . و هل يتصوّر أنّ غير المحرّمات توجب النفاق الذي هو في الحقيقة و نفس الأمر كفر ، و إن أظهر صاحبه الإيمان . و منها : ما تضمّن تفسير الآية الكريمة المتضمّنة للأمر باجتناب « قول الزور »