غيرهما . [1] و هؤلاء لمّا تمكَّنت الشبهة عندهم لا يقبلون شيئا من ذلك ، * ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) * [2] ، مع أنّهم يقبلون قول أمثالهم من غير دليل في أمور عظيمة لا يمكن وصفها . و أعجب من ذلك أنّ منهم من طلب منّي أحاديث متعدّدة في ذلك يشتمل كلّ منها على مقدّمتين : كبرى و صغرى ، و أن يكون على ترتيب الأشكال المنطقية . و هل ذلك إلَّا تعنّت ؟ ! و هل يوجد في جميع أحكام الشرع مثل ذلك ، أو في أكثرها أو في أقلَّها أو الضروريّ منها كوجوب الصلاة و تحريم الزنى و نحوهما ؟ ! و ليت شعري كيف ثبت الدين في أوّل الأمر عند المسلمين . و ما روّينا و لا سمعنا أنّ النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام احتجّوا على الناس بهذه الأشكال بعينها كما هو مقرّر ، بل احتجاجاتهم مأثورة على غير هذا الوجه ، فبعض المقدّمات مذكور و بعضها محذوف للعلم به ، و قد وردت بحسب أفهام الرواة و السامعين . و مثل هذا الحكم هل يحتاج إلى أكثر من ثبوت الفتوى به عن المعصومين و تفسير ألفاظه من علماء العربية العارفين . على أنّ ترتيب المقدّمات المنطقية - مشتملة على ما يطابق الأدلَّة الشرعية ، مأخوذة من الأحاديث الصحيحة الصريحة المرويّة - في غاية السهولة على من له أدنى رويّة . و روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره و بإسناد ذكره عن ابن عبّاس قال : حججنا مع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم حجّة الوداع ، فأخذ بحلقة الباب ، ثمّ أقبل علينا بوجهه ، فقال : « أ لا أخبركم بأشراط الساعة » ؟ و كان أقرب الناس منه يومئذ سلمان . فقال : بلى يا رسول اللَّه .
[1] الروضة البهية ، ج 3 ، ص 212 - 213 . [2] اقتباس من الآية 52 من سورة المدّثّر ( 74 ) .