كذلك قول أهل اللغة : إنّ « رجع الكلام تكراره ، و مراجعة الخطاب معاودته » [1] . و كذلك ما تقدّم نقله عن صاحب كتاب قصص الأنبياء عليهم السّلام . و سادسها : أن يكون ذلك حثّا على كثرة قراءة القرآن و الاشتغال بتلاوته في جميع الأوقات ، كما ورد الأمر به في أحاديث كثيرة [2] ؛ إذ يلزم منه ترجيع الصوت ، كما مرَّ ، فاستعمل اللفظ و أريد به ملزوم معناه . و لهذا الاستعمال نظائر كثيرة في مواضعها مذكورة . و هذا الوجه قريب من الوجه الذي قبله ، و هما من وجوه المجاز لهذا اللفظ . و ربما يقرّب هذا الوجه ما تضمّنه السؤال من أنّ الشيطان يوسوس له بإرادة الرئاء ، ليمنعه من قراءة القرآن ، فاقتضت الحكمة مجاهدة الشيطان و تحصيل ضدّ مقصوده ؛ لئلَّا يطمع في المكلَّف . و سابعها : أن يكون المراد بترجيع الصوت بالقرآن قراءته على وجه الحزن ، كما ورد الأمر به صريحا في قولهم عليهم السّلام : « إنّ القرآن نزل بالحزن ، فاقرأوه بالحزن » . [3] و وجهه أنّ ترجيع الصوت في النوح و غيره لمّا كان يقتضي زيادة الحزن - كما يقتضي زيادة الحسن - جاز أن يستعمل في مطلق الصوت الحزين ، و يكون استعارة تبعية - كما مرَّ - و يخصّ بما لا يرجّع الترجيع الحقيقي ؛ لدلالة الدلائل القطعية على تحريمه ، كما مضى و يأتي ، إن شاء اللَّه تعالى . و ثامنها و تاسعها : أن يكون الترجيع استعارة أيضا لكن بمعنى التبيين - كما ذكره بعض علمائنا - أو بمعنى جعله بحيث يؤثّر في القلب من حيث إنّ الترجيع يستلزمهما غالبا ، فأطلق على التأثير أو على التبيين الحاصلين بدونه . و قد روي عن
[1] تاج العروس ، ج 21 ، ص 72 ، « رجع » . [2] وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 186 - 192 ، أبواب قراءة القرآن ، الباب 11 . [3] الكافي ، ج 2 ، ص 614 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 2 .