و أمّا عبد اللَّه بن سنان فهو ثقة من أصحابنا جليل ، لا يطعن عليه في شيء ، قال فيه الصادق عليه السّلام : « أما إنّه لا يزيد على السنّ إلَّا خيرا » . [1] هكذا ذكره علماؤنا في الرجال ، و قالوا : إنّ له كتبا رواها عنه جماعات من أصحابنا ؛ لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته [2] ، و إنّ ممّن روى كتبه ابن أبي عمير [3] ، الذي أجمعت الطائفة على تصحيح ما يصحّ عنه . فهذه جملة من القرائن التي تستفاد من سند هذا الحديث الشريف ، مضافا إلى القرائن الخارجة السابقة ؛ فإنّ جميع الوجوه الدالَّة على تضعيف الحديث السابق دالَّة على تصحيح هذا الحديث . فلينصف الناظر ليعرف التفاوت بين هذين الحديثين باعتبار سندهما و مضمونهما . الفصل الخامس في الكلام على متن الحديث المذكور ، و ما يستفاد منه هذا الحديث الشريف يدلّ على تفسير الغناء بالصوت المشتمل على الترجيع المطرب ، كما فسّروه به في كتب الفقه ، و ربما دلّ على تفسيره بالترجيع مطلقا و إن لم يطرب ، كما فسّره به جماعة ، لعدم التصريح فيه باعتبار الطرب ، و يدلّ على شمول التحريم لما كان في القرآن منه ، و أنّ الغناء يحصل بترجيعه . و قد فسّروا الطرب بالخفّة التي تصيب الإنسان لشدّة حزن أو سرور . [4] و يستفاد من صريح هذا الحديث أنّ هذا الفعل محرّم ، فلا مجال عند
[1] رجال الكشي ، ج 2 ، ص 710 ، ح 771 . [2] رجال النجاشي ، ص 214 ، رقم 558 . [3] فهرست الطوسي ، ص 192 ، رقم 410 . [4] مجمل اللغة ، ج 1 ، ص 596 ؛ الصحاح ، ص 171 ، « طرب » .