إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)
و وجه إطلاق الأئمّة عليهم السّلام مثل هذا الكلام ظاهر ، و هو أنّه كانت عادة قدماء الشيعة أن لا يعملوا إلَّا بنصّ من الأئمّة عليهم السّلام ، و إذا لم يجدوا نصّا عملوا بالاحتياط ، و هو أيضا مرويّ عنهم عليهم السّلام مأمور به عدّة أحاديث ، فمن المحال أن يجمعوا على حكم غير ثابت من معصوم عموما أو خصوصا ، و في مقام اختلاف الحديث لا يعملون إلَّا بالراجح ، فمن المحال إجماعهم على المرجوح باعتبار قاعدتهم المستمرّة . الخامس : إنّه ضعيف لموافقته لمذهب العامّة ، فيجب حمله على التقيّة و العمل على ما يعارضه ، لقوّته بمخالفة العامّة و عدم احتمال التقيّة ، كما أمر به الأئمّة عليهم السّلام في الجمع بين الأحاديث المختلفة ؛ بل هذا أقوى وجوه الترجيح ؛ لأنّ سبب اختلاف الأحاديث هو ضرورة التقيّة في أكثر مواضعه إن لم يكن كلَّها . و قد نقل القول بإباحة الغناء عن معاوية و المغيرة بن شعبة و ابن الزبير و عبد اللَّه بن جعفر [1] ، و كان ذلك يعدّ من مطاعن معاوية . و قال عزّ الدين ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ما ينسب إلى معاوية من شرب الخمر سرّا لم يثبت ؛ لاختلاف أهل السيرة فيه ، إلَّا أنّه لا خلاف في أنّه كان يستمع الغناء . [2] و في بعض التواريخ : أنّ عبد اللَّه بن جعفر كان يعيّر بهذا القول في زمانه حتّى من عمرو بن العاص و أمثاله . [3] و قد نقل الشيخ في الخلاف عن أبي حنيفة و مالك و الشافعي كراهة الغناء
[1] راجع بوارق الإلماع ، ص 12 ؛ العقد الفريد ، ج 6 ، ص 16 - 17 . [2] شرح نهج البلاغة ، ج 16 ، ص 161 . و فيه : « و نقل الناس عنه في كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام ، و أمّا بعد وفاة أمير المؤمنين و استقرار الأمر له ، فقد اختلف فيه ؛ فقيل : إنّه شرب الخمر في ستر ، و قيل : إنّه لم يشربه ، و لا خلاف في أنّه سمع الغناء و طرب عليه » . [3] بوارق الإلماع ، ص 12 - 13 نقلا عن الحاوي الكبير للماوردي .