العموم ما يطول الكلام بذكره ، و ربما يأتي بعضه . و من تتبّع حقّ التتبّع علم أنّه لا يروي الأحاديث المتشابهة و المؤوّلة و الموافقة للتقيّة و المخالفة للحقّ غالبا إلَّا أمثال هؤلاء الضعفاء و المخالفين للحقّ و الاعتقاد الصحيح . و هذا هو السرّ فيما ذكرناه سابقا عن الأصوليّين و الأخباريّين جميعا ، و بحثهم عن أحوال الرواة . و لتحقيقه محلّ آخر . الرابع : إنّه ضعيف لمخالفته لإجماع الشيعة ، بل لإجماع الأئمّة عليهم السّلام ؛ فإنّ هذا الإجماع قد علم دخول المعصومين عليهم السّلام فيه بالأحاديث الصحيحة المتواترة معنى . و ممّن صرّح بنقل هذا الإجماع هنا عن علماء الإمامية الشيخ في الخلاف [1] ، و العلَّامة [2] و ابن إدريس [3] و غيرهم من المتقدّمين و المتأخّرين و المعاصرين ، بل ذكروا أنّه من ضروريات المذهب كالمسح على الرجلين . و نقلوا القول بتحريم الغناء أيضا عن أكثر الصحابة . و لا أعلم أحدا من علمائنا يقول بجواز الغناء في هذه الصورة ، بل صرّحوا بتحريم الغناء فيها . و من أراد الوقوف على عباراتهم فليرجع إلى كتبهم ، و لم أنقلها كراهة الإطالة و لشهرتها و سهولة الرجوع إليها . و هذا الإجماع هنا حجّة قطعا ، و يدلّ على حجّيته جميع الأدلَّة المذكورة في الأصول . و من حيث العلم بدخول المعصوم هنا بالأحاديث المتواترة معنى يدلّ على حجّيته جميع أدلَّة الإمامة و براهين العصمة ، و ناهيك بذلك . و يضاف إلى ما ذكرناه أحاديث كثيرة واردة في كيفيّة الجمع بين الأحاديث المختلفة من قولهم عليهم السّلام : « خذ بالمجمع عليه بين أصحابك ؛ فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، و دع الشاذّ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك » [4] ، و غير ذلك .
[1] الخلاف ، ج 6 ، ص 305 - 306 ، المسألة 54 : « الغناء محرم دليلنا إجماع الفرقة » . [2] أجوبة المسائل المهنائية ، ص 25 ، المسألة 8 . [3] السرائر ، ج 2 ، ص 120 : « الغناء عندنا محرّم ، يفسق فاعله و تردّ شهادته » . [4] الكافي ، ج 1 ، ص 67 ، باب اختلاف الحديث ، ح 10 .