نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 263
والثالث : أن تكون لفظة ( من ) مرادفة للباء ، فإنه من معانيها المشهورة ، وقد ذكره الجوهري وابن هشام 1 وغيرهما 2 ، وتكون لفظة ( ما ) مصدرية زمانية ، كما قالوا في قوله سبحانه : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) 3 ويكون المعنى : فأتوا به ما دامت استطاعتكم . والرابع : أن تكون لفظة ( من ) بيانية ، إما بيانا للمأتي ، كما قاله ابن هشام في قوله سبحانه : ( يحلون فيها من أساور ) 4 حيث جعل لفظة ( من ) بيانية لما يحلى به 5 ، وتكون ( ما ) مصدرية زمانية أيضا ، أو بيانا للموصول ، ويكون المعنى : فأتوا ما استطعتم منه بعضا أو كلا . ودلالته على مطلوبهم إنما هو إذا كان معنى الحديث أحد الاحتمالين الأولين ، أو الشق الثاني من الأخير ، وهو غير معلوم فان قلت : المعنى الثالث يوجب جعل ( من ) بمعنى الباء ، وهو مجاز خلاف الأصل ، وجعل ( ما ) مصدرية ، وهو أيضا خلاف الأصل ، لان الأصل في ( ما ) أن تكون غير مصدرية ، وأيضا تأويل الفعل بالمصدر خلاف الأصل . وأيضا على الثالث بل الرابع يكون مقتضى الحديث : وجوب الاتيان بالمأمور به ، وعدم جواز تركه ، وهذا ليس إلا تأكيدا للايجاب الثابت من الامر ، والتأسيس أولى من التأكيد . قلنا : لو سلمنا تجوز لفظة ( من ) في مرادفة الباء ، ولفظة ( ما ) في المصدرية ، وكون ( من ) حقيقة في التبعيض أيضا ، فنقول : المجاز لازم على الأولين أيضا ، إذ يجب أن يكون المعنى : إذا أمرتكم بشئ ولم يتيسر الاتيان بالكل ، فأتوا بعضه