نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 22
ولو سلمنا أن للعهد معنى يلائم ذلك أيضا ، فإرادة ذلك المعنى من العهد - الذي هو معنى العقد في الآية - غير معلوم ، بل لا سبيل إلى إثباته . فيمكن أن يكون المراد من العقود : الوصايا الإلهية الموثقة ، أي المشددة في ثبوتها ، أي التكاليف اللازمة ، فإنها وصايا منه سبحانه إلى عباده ، كما ورد في الآيات المتكثرة ، كقوله سبحانه : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) [1] و ( ما وصى به نوحا . . . وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ) [2] إلى غير ذلك . ويمكن أن يكون المراد منها : مطلق الوصايا ويمكن أن يكون منها : الأوامر ، والإيمان ، والضمانات . وبالجملة : إثبات كون المراد من العهود المأخوذ في معنى العقود في الآية معنى يصدق على مثل : عاوضت فرسي ببقرك ، أمر مشكل جدا ، وبدون ذلك لا يصح الاستدلال بالآية فيما هم بصدده . الرابع : أنه قد عرفت أن معنى العقد لغة : الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال بينهما ، وإذا كان ذلك معناه اللغوي حقيقة ، فيكون المراد منه في الآية الشريفة معناه المجازي ، وإذا كان كذلك ، فتتسع دائرة الكلام ومجال الجدال في التمسك بالآية كما لا يخفى . ومن جميع ذلك ظهر ضعف التمسك بتلك الآية الشريفة في إثبات لزوم بعض ما يعدونه عقدا في الكتب الفقهية . وحيث انحصر الدليل على أصالة لزوم كل عقد بتلك الآية ، فتكون تلك الأصالة غير ثابتة ، بل الأصل عدم اللزوم ، إلا أن يثبت لزوم عقد بدليل خاص ، كالبيع وأمثاله . وعلى الله التوكل والاعتصام ، وعلى نبيه وآله الصلاة والسلام .