نسبته إلى أكثر المحقّقين كما عن ابن إدريس نسبته إليهم بلا لفظ " أكثر " ، وعن مبسوط الشيخ التردّد فيه ، وإن نسب إليه في الخلاف عدم الكفاية ، كأكثر كتب العلاّمة والذكرى . واستند للقول بالكفاية إلى وجوه ضعيفة أحسنها المرسل الذي ادّعى ابن إدريس كونه مجمعاً عليه بين المؤالف والمخالف : " الماء إذا بلغ قدر كرٍّ لم يحمل خبثاً [1] والإجماع الذي ادّعاه السيد على طهارة كرٍّ رأى فيه نجاسة لم يعلم بسبقها على الكرّية أو لحوقها لها ، فلولا طهارة النجس باتمامه كرّاً لم يكن لذلك وجه . أمّا الرواية ففيها : أوّلا : عدم بلوغها حدّ الحجّية لما عن المحقّق ( قدس سره ) من أنّه لم يذكرها من الخاصّة إلاّ جماعة مرسلين لها ، ولم يعمل بها من المخالفين إلاّ ابن حي ، وعن التذكرة أنّ هذا الخبر لم يثبت عندنا ، وعن الذكرى أنّه عامّيّ ، ولم يعمل به غير ابن حيّ . ومن هذه الكلمات يعلم عدم جابرية الإجماع الذي ادعاه ابن إدريس لسندها ، إذ لم يعرف القول بها ممّن قبل السيد ولاممّن بعده إلاّ للاشخاص المشار إليهم مع احتمال أن يكون دعوى ابن إدريس الإجماع على العمل بها ، بحسبان أنّ العمل بالمشهورة : " الماء إذا كان قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء " [2] المجمع عليه بين الخاصّة عمل بها كما احتمله في الجواهر وإن كان نفس عمل هؤلاء المنكرين للعمل بالخبر الواحد بها ربّما يجبر به سندها ، لكنّه لم تبلغ به مرتبة يعتمد عليها في رفع اليد عن عمومات الانفعال . وثانياً : - وهو العمدة - عدم تمامية دلالتها فإنّ ظاهر " لم يحمل خبثاً " أنّه لم يقبله بعد تحقّقه في الخارج ، ولا دلالة له أبداً بزوال ما تحمله سابقاً كما يعرف ذلك بالتأمّل في نظائره من العرفيات ، كقولك : العالم الفلاني إذا بلغ بتلك المرتبة من الوقع في القلوب فلا يضرّه ما يقال فيه ، هذا .
[1] عوالي اللآلي : ج 1 ، ص 76 ، ح 156 . [2] الوسائل 1 : 117 ، الباب 9 من أبواب الماء المطلق ، ح 1 .