مع الغض عن عدم ظهوره فيه مدفوع بما في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) في حديث ، قال : " قلت له : من أدخل الميت القبر عليه وضوء ؟ قال : لا " [1] ، لظهور أنّ الوضوء المنفي هو الواجب كما يعطيه كلمة عليه ، فيتمحّض الأمر به للندب ، هذا . وترى ما فيه من عدم اختصاص مطلوبيته ، بخصوص الغاسل . وأمّا الوضوء لتكفينه فلم أجد عليه نصّاً لا للغاسل ولا لغيره ، ولكن أكثر الأصحاب قالوا به لخصوص الغاسل مخيرين بينه وبين الغسل وأثبته في الروضة لغيره بالأولوية ، وفيهما نظر بيّن . وأمّا السابع والعشرون : فاستدلّ له بمرسل ابن أبي عمير : " كلّ غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة " [2] . وفيه ما لا يخفى فإنّه لبيان الحاجة إلى الوضوء ، وعدم كفاية غير غسل الجنابة بلا وضوء لصحّة الدخول في المشروط بالطهارة ، وتوقّف إباحته له على الوضوء وأين هو من مطلوبية الوضوء في نفسه قبل تلك الأغسال ؟ ! وأمّا الثامن والعشرون - وهو آخر الغايات المندوبة فيها الوضوء في الرسالة - : فللأخبار [3] الواردة فيه الآمرة بايجاده قبله وبعده ، وهي كثيرة بالغة حدّ الاستفاضة ، ومع هذا معلّلة بأنّه ينفي الفقر ويزيد في الرزق والعمر ، وصاحبه يعيش في سعة ويعفى من البلاء في جسده ويكثر خير بيته وأنّه يجلو البصر ، وله يميط الغمر من الثياب ، ويثبت النعمة ، وينفي الهم . ولكنّه عندي منظور فيه ، لقوة احتمال غسل اليد من الوضوء في المقام ، لشيوع استعماله فيه ، مضافاً إلى أنّه قد فسّر به في جملة من أخبار الباب ، فلذا لا تنهض لاستحباب خصوص الوضوء ، ففي رواية هشام بن سالم المعتبرة عن
[1] الوسائل 2 : 877 ب 53 من أبواب الدفن ، ح 2 . [2] الوسائل 1 : 516 ب 35 من أبواب الجنابة ، ح 1 . [3] الوسائل 1 : 257 ب 1 من أبواب الوضوء .