أمير المؤمنين : " كان أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا بالوا توضأوا أو تيمّموا مخافة أن تدركهم الساعة " . ويؤيّده قوله تعالى : " إنّ الله يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين " وجملة من أخبار التعقيب من قوله : " المؤمن معقّب ما دام متطهراً " . ولا ينافي استحبابه القول بعدمية الطهارة ووجودية الحدث بجعله عبارة عن الحالة المانعة والطهارة رافعة لها ، أي عبارة عن رفعها ، لأنّ الشارع جعل الوضوء مثلا سبباً لرفع تلك الحالة ، ولما كان مطلوبه جلّ اسمه كون عبده دائماً قابلا للقائه ومناجاته جلّ شأنه أمره بالتخلية عن الرذيلة لكي تتسم بالجميلة فتنخرط في المحبوبين ، فإنّه تعالى جميل يحب الجمال . نعم يبقى في المقام أنّ لازم هذا المشيء كون الوضوء مستحباً نفسياً ، إذ ليس الكون على الطهارة غاية من غايات الوضوء كالصلاة وأمثالها ، ولا يكون مطلوباً إلاّ إذا ترتّب عليه الطهارة وحصلت به ، ومعلوم عدم ترتبها عليه ما لم يؤت به بداعي الأمر ، فالأمر به لأجل حصولها دوري ، وقد تقدمناه عن شيخنا الأُستاذ - طاب ثراه - مع أجوبته الثلاثة عنه . والأحسن الالتزام بالاستفادة من أمره ولو المقدّمي شيئين أحدهما : جعل سبباً لحصول تلك الحالة ، والثاني : مطلوبيته لحصولها ولو مقدمة لأمر آخر ، وكأنّه إلى هذا الإشكال ينظر ما عن شارح الدروس من قوله بعد منع المستند لاستحبابه سوى الشهرة : " وعدم اتضاح كون الكون على الطهارة غاية برأسها ، إذ وجود حالة في المكلّف عقيب الوضوء سوى وقوع الأشياء المتوقّفة على الوضوء كاملا أو صحيحاً غير معلوم " انتهى . وغير خفي على المتأمّل في أدلة مطلوبيته كتاباً وسنة بعد ضمّ بعضها إلى بعض أن ليس المطلوب لتلك الأشياء نفس صورة تلك الأفعال ، بل إنّما المرتبط بها حالة حاصلة منها في المكلّف عقيب الإتيان بها بداعي الأمر تسمّى طهارة كما هو الحقّ من أنّها أمر وجودي ولو على القول بالعدمية ، لأنّ معنى عدميتها أنّها رافعة لتلك