واحدة كانت فنقول : لنا أن نأخذ بظاهر قوله ( عليه السلام ) : " اغتسلت بعد الفجر " [1] الصريح في كون المأتي به خصوص الجنابة ، لأنّه الذي يعتبر في وقوعه صحيحاً عند ايقاعه بنيّة الوجوب وقوعه بعد الفجر كما هو حال عامّة الناس ، حيث إنّهم يأتون به بقصد الوجوب بعد دخول الفجر كما ينادي بصحّة تلك الدعوى قوله ( عليه السلام ) في رواية ابن عيسى : " إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر " [2] الصريح في أنّ غسله غسل الجنابة . فإذن يكون ذلك مصبّ ذيل الصحيحة وباقي الروايات فلم يبق لهم إطلاق يتمسّك به في المقام ، هذا مضافاً إلى ضعف الباقي سنداً ولا جابر لها يُنهضها للحجّية ، لعدم ثبوت الشهرة التي ادّعاها شارح الجعفرية على ما حكي عنه كما أنكرها الأُستاذ - طاب ثراه - فلم يبق لهم بعدما يقوم بإثبات هذا الحكم المخالف للقاعدة . ومنه تعرف أنّه لا ينفعهم إنكار الظهور الذي استفدناه من الصحيحة والرواية ، إذ لا ريب في كونه محتملا منهما احتمالا واضحاً فيسقطان به عن الاستدلال وبهما لهم الدليل الاعتباري الذي حكاه الأُستاذ - طاب ثراه - عن المحّقق ( رحمه الله ) واستوضحه كاشف اللثام بأن أبرزه بصورة البرهان وهو صدق الامتثال مخدوش ، بأنّا لا نفهم ما معنى صدق الامتثال ، إذ الامتثال ليس إلاّ موافقة المأتي به للمأمور به مع الإتيان به بداعي الأمر ، وهو هنا مسلّم لا كلام فيه كإجزائه عن نفسه ، وكلامنا هنا في كفاية هذا المأتي به عن غيره الغير المنوي ولا ربط له بمسألة الامتثال أبداً . وظاهر الروايات كفايته عن الغير في الفرض أيضاً ، ومعناه كون التداخل قهرياً ، ولا أراهم يلتزمون به في غير الجنابة وإن كان ظاهر هؤلاء ذلك ، فليتأمّل . قوله ( قدس سره ) : ( ولو نوى القربة من غير تعرّض للجميع والبعض فالأقوى بطلان الغسل ) أمّا على القول بلزومية الرفع أو الاستباحة فواضح ، لأنّه أخلّ بالنيّة ، وأمّا على القول بعدمه كما هو الأقوى فلما عرفته من تخالف حقيقة
[1] الوسائل 1 : 525 ب 43 من أبواب الجنابة ، ح 1 . [2] الوسائل 1 : 526 ب 43 من أبواب الجنابة ، ح 2 . وفيه عن جميل بن دراج .