لما عرفت في غيره قد بيّنا أنّه خلاف الأصل فلا يكفي الواحد عن الجميع في غير الجنابة جزماً وفيها على الأحوط ، لما عرفت . ومنه يعلم أيضاً وجه عدم الحاجة إلى الوضوء بعد ما وضح أنّه اغتسل غسل الجنابة غسلا صحيحاً . وأمّا وجه ما ذهب اليه كثير منهم من كفاية أيّها وقع منفرداً بالنيّة عن الباقيات فهو فهمهم العموم من جهة إطلاق لفظة " غسل واحد " وعدم تخصيص إجزائه بصورة نيّة الجميع ولا بصورة قصد خصوص غسل الجنابة ، فلابدّ من حمل لفظة " غسل واحد " على واحد لا بعينه ، للإطلاق . وفيه أنّك قد عرفت أنّ ظاهر الرواية الثانية خصوص الجنابة بانتساب الفعل ، وهو قوله : " اغتسل " إلى الجنب الظاهر في مدخلية وصف الجنابة في فعله ، وهو لا يكون إلاّ بإتيانه الفعل وهو الغسل بنيّة الجنابة ، فتقيّد بها المطلقات . اللّهم إلاّ أن يمنع دلالة ذكر الجنابة على الخصوصية كما هو الحق ، إذ لا سبيل إلى فهمها منها إلاّ مفهوم اللقب ، فإذن يبقى الإطلاق بحاله سليماً عن المعارض لو اُغضي عن القرينة المذكورة . فالأحسن في ردّ استدلالهم هذا هو منع الإطلاق ، لأنّ لفظة " غسل واحد " من تلك الجهة مهملة ، لورودها مورد حكم آخر وهو بيان كفاية الوحدة وعدم الحاجة إلى التعدّد لو لم يتجشّموا بذيل الروايات ، بدعوى كون المقام مقام البيان ، فلا يحسن فيه الإجمال والحكم بالإجزاء بنحو الإطلاق إذا كان خصوصية قصد الجميع أو قصد خصوص الجنابة فيه معتبراً أو ملحوظاً ، ويمكن التفصّي بأنّ ظاهر الصحيحة هو صورة جمع الجميع في النيّة بجعل المجرور في قوله : " للجنابة " وما عطف عليها متعلّقاً بكلمة تفعل المقدّرة ، وجعل المجرور مع متعلّقه حالا عن قوله ذلك ، ولا يعلّق المجرور بكلمة " أجزأك " ، لأنّه لو علّق بها لناسب أن يوصلها من حروف الجار بمن أو عن ، فدخول اللام شاهد على عدم تعلّقه بها ، وإن أبيت إلاّ عن ظهوره في تعلّقه بكلمة " أجزأك " المفيدة لكفاية الواحدة عن الجميع آية