نعم يبقى أنّ ظاهر جملة منها تعيّن غسل الجنابة عند اجتماعه مع غيره ، وظواهر الاُخر أيضاً لا تنافيها ، وإن كان يظهر من الأُستاذ - طاب ثراه - التنافي نظر إلى كلمتي " الاجزاء وتجعله " . وجه عدم التنافي عدم ظهور الكلمتين في ثبوت المتعدّد فعلا كما يشهد له ما ورد في غسل الميت فإنّه استعمل لفظ " الإجزاء " فيه ، مع أنّه ليس على الميت غسل جنابة ، بل في بعض الأخبار أنّ غسله هذا لأجل الجنابة الحاصلة له من شدّة النزع ، فاستعمال لفظة " الإجزاء " في أمثاله باعتبار شأنية الثبوت لا باعتبار الفعلية . فإذا سلّم هذا الظهور لا بدّ أن يلتزم الفقيه بما اختاره ابن إدريس من عدم تجويز نيّة الجميع ، بل عدم جواز انفراد كلّ سبب بغسل ، وهذا ايضاً أحد أسباب ما يوجب أن ينسب إلى القوم كون التداخل في المقام عزيمة ، كما نسبها إليهم الأُستاذ - طاب ثراه - خلافاً للمحقّق القمّي حيث نسب إليهم كونه رخصة ، وإن استنده - طاب ثراه - إلى كونه من تداخل الأسباب فيأتي في اجتماع ما عدا الجنابة ، ولا أراهم يلتزمون به ، لما هو مشاهد من تجويزهم بغير ترديد نيّة الجميع ، فلابدّ من رفع اليد عن هذا الظهور لمن يسلّمه ، وحملها على ما لا ينافي . . . [1] عليه ، وبعد ذا لابدّ من العمل بمقتضى القاعدة مع تعدّد الأسباب والمسبّبات القابلة للتداخل ، ولما بيّنا في محلّه بكون التداخل على خلاف الأصل ، فلابدّ أن نقول بأنّه من باب الرخصة وأن نحكم بإجزاء غسل الجنابة عن الأغسال المجتمعة مع القصد إلى مقتضاه لمكان الأخبار والإجماعات المحكيّة المعتضدة بالشهرة المحقّقة ، وحينئذ فيكون إجزاء غسل الجنابة عن غيره من المجتمع معه لسقوط أمره بهذا الفعل نظير سقوط أمر الوضوء به . ومن هذا البيان تبيّن لك وجه الحكم في المستثنى منه ، ووجه الاحتياط الذي ذكره الماتن بتعدّد الغسل ، فإنّ التداخل القهري لو قيل به مخصوص بغسل الجنابة ،