وما هو بتلك المثابة من الإطلاق ، فإنّه لا يريب أحد من أنّ ما يعدّ استعمالا لها وتمتعاً بها في نظر العرف هو حرام ، ومن الواضح عدّهم الوضوء تمتعاً بتلك الآنية واستعمالا لها فيه ، وسرّ ذلك أنّ من الواضح أنّ الحرمة المتعلّقة بالعين يراد بها حرمة ما يراد منها من الاستعمالات المتعارفة ، فكلّ ما يعدّ في العرف استعمالا لها يكون هو متعلّق الحرمة حقيقة . ومن هنا يمكن أن تختلف الأفعال الحاصلة بآلية الإناء ، وتفترق آنية الذهب والفضة عن الآنية المغصوبة حيث إنّها لم ينه عنها بنفسها ولا عن استعمالها ليصحّ صرفها إلى المتعارف ، وإنّما جاء حرمتها من قبل حرمة التصرّف في مال الغير ويدّعى تحقّقه بنفس الأخذ والاغتراف وعدم صدقه على بقية الأفعال التي تتبعها ، لأنّ الأخذ والاغتراف هو القرب إلى مال الغير دون البقية . وكيف كان فلا ريب في أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط في عدم الاتيان بالطهارة بالآنيتين ، بل لا يبعد تقويته لولا مصير القوم إلى خلافه كما يقتضيه اقتصار الجواهر نسبة البطلان إلى العلاّمتين الطباطبائي في منظومته والشيخ كاشف الغطاء في كشفه ، ونسب في المدارك استجواده إلى العلاّمة في المنتهى ، وإن كنّا لا نتحاشى عن مثل هذا الإجماع ، لمعلومية أنّ ليس مستندهم إلاّ حسبان تعلّق النهي بأمر خارج عن الطهارة ، وقد أظهرنا خلافه ، فتدبّر . قوله ( قدس سره ) : ( وكذا يعتبر فيه عدم المانع من استعمال الماء من مرض أو عطش على نفسه أو نفس مؤمنة ، ونحو ذلك ممّا يجب معه التيمّم ) على ما سيأتي تفصيله في باب التيمّم ، وغير خفي عدم دخوله تحت شروط الوضوء إلاّ على التسامح في عدّ شروط الأمر من شروط المأمور به . ومنه يعلم أنّ قوله ( قدس سره ) : ( فلو توضأ والحال هذه بطل ) ليس البطلان فيه كالبطلان في فقد الشروط السابقة يصحّحه استئناف الوضوء ، بل البطلان هنا لعدم الأمر وانقلاب التكليف . ولذا هو ( قدس سره ) بتخيل بقاء الأمر ورجوع المسألة إلى مسألة اقتضاء الأمر بالشيء