من لم يبق في كفّه بلل وجفّ ما فيها من فضل الوضوء ، فإنّه لا يبقى للمتأمّل فيها ، بل الناظر فيها - ما لم يتعسّف - مجال لأن يحتمل أنّ المطلوب في الوضوء المسح باليد المبلولة بأي بلّة كانت ، أو باليد المبلولة ببلّة الوضوء وان لم يتأثّر المحلّ بتلك البلّة لقلّتها أو لاستهلاكها في ضمن الغير فيتأتّى منه توهّم أصالية اليد في ذلك ، وكونها مطلوبة ذاتاً ، وكون البلّة مطلوبة تبعاً ، بل يقطع بأنّ مطلوبيتها الثابتة بالإجماع إنّما هي على وجه التبعية والآلية ، وأنّ المقصود الأصلي إنّما هو ايصال بلّة الوضوء إلى الممسوح . قوله ( قدس سره ) : ( ولا يضرّ كثرة ما في الماسح وإن حصل منه جريان بعد أن كان القصد المسح ، أو لم يكن من قصده الغسل ) وفاقاً لما حكي عن الذكرى حيث قال : " لا يقدح اكثار ماء الوضوء لأجل المسح ، لأنّه من بلل الوضوء ، وكذا لو مسح بماء جار على العضو وإن أفرط الجريان ، لصدق الامتثال ، ولأنّ الغسل غير مقصود " انتهى . لما عرفته من أنّ المأمور به المسح بماء الوضوء وفضل مائه الباقي في اليد من دون تقييد بعدم الجريان مع تداول أقلّ مرتبة الجريان في أغلب الوضوءات ، بل استحباب الإسباغ في الوضوء ربّما يشعر بترخيص خصوص ما يحصل فيه الجريان ، وهذا هو المناسب لسهولة الملّة السمحة ، إذ في ملاحظة عدم تحقّق أقلّ مسمّى الجري حرج ولو في الجملة ، بل الوقوع في الحرج الشديد والعسر الأكيد ملازم لما هو المشهور من لزوم تأثّر المحلّ ببلّة الوضوء ، والتحفّظ عن عدم حصول أقلّ مراتب الجري لغلبة عدم التوافق ، نعم يكفي التأثّر بعد لزوم اعتباره وإن لم يتحقّق الجري الدهني ، لصدق المسح بالبلّة ، وكون الأقلّ هذا المقدار هو ما اختاره الأُستاذ ، وحكاه عن النهاية وعن الذكرى أيضاً حيث قال : " الغرض بالمسح عندنا وصول البلّة بواسطة اليد ، فلا يكفي وصول البلّة وحدها " انتهى . كما لا يكفي وصول اليد إذا لم يتأثر المحلّ من بلّتها وهذا الذي ذكرناه من لزوم التأثّر وهو ظاهر ما حكي عن المنتهى في ردّ من قال بكفاية بلّ موضع