عن دروس الشهيد ( رحمه الله ) وذكراه وبيانه . ولكنّه ( قدس سره ) صرّح في الدروس بكفاية المسمّى إلاّ أنّه قال : ولا يحصل بأقلّ من إصبع كما حاول ذلك بعضهم في الجمع بين القولين ، وللاصلاح بين الفريقين ، وإن منع ما حكي عن تهذيب الشيخ ( قدس سره ) من أنّه بعد أن استدلّ لكفاية الإصبع بإطلاق الآية قال : " ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع ، لأ نّا لو خلّينا والظاهر لقلنا بجواز ذلك ، لكن السنّة منعت من ذلك " ، والظاهر أنّ غيره من أصحاب هذا القول لا يقول بلزوم الإصبع تعبّداً ، بل دعاهم إلى لزومه توهّم توقّف المسمّى على ذلك ، إذ لم ينقل عن غيره ( قدس سره ) في مقام منع هذا الاصلاح ما ينافيه ، واقتصر في نقل المنافي بكلامه ، بل المحكي عن الذكرى بعد حكمه بوجوب المسمّى أنه قال ( قدس سره ) : " ولا يجزي أقلّ من إصبع ، قاله الراوندي كما حكيناه عن دروسه " . فعلى هذا ينحصر القول بلزوم الإصبع تعبّداً في الشيخ ، وهو وإن ادّعى في النهاية ورود السنّة بذلك إلاّ أنّ الأُستاذ الأكبر - طاب ثراه - جال عليه بأنّا لم نعثر في السنّة إلاّ على التحديد بالثلاث المحمول على الندب ، ولا يبعد أن يكون نظر الشيخ ( قدس سره ) إلى الروايات الثلاث المذكورة فيها المسح بالإصبع لمكان العمامة اللواتي ذكرنا اثنتين منها في مقام الاستدلال لكفاية المسمّى ، والثالثة هي هذه : " عن الرجل يمسح رأسه من خلفه وعليه عمامة بإصبعه أيجزيه ذلك ؟ فقال : نعم " [1] . كما يشهد له ما في المستند من قوله : " واستدلّوا بالأخبار " ثم ذكره الروايات الثلاث . وكيف كان فقد ظهر لك خلوّ هذا القول عن الدليل ، لصدق المسح بالإصبع عند تحقّق المسمّى ، إذ لو أغضى عن ظهور تلك الثلاث في كفاية المسمّى على الوجه المذكور فلا أقلّ من دلالتها عليها من باب الإطلاق ، إذ لا ظهور لها في طلبه ( عليه السلام ) ايقاع المسح بتمام عرض الإصبع كما هو واضح .
[1] الوسائل 1 : 289 ، الباب 22 من أبواب الوضوء ، ح 4 .