ودفعه بأنّ العرف لا يعرف للجزء سطحين رجوعٌ عن هذا الوجه وإبطالٌ له ، لأنّ الرجوع إلى العرف لو كان يجدي لا يبقى احتياج إلى تكلّف هذا الوجه ، لأنّه يحكم بنجاسة ما يراه ماءً واحداً بمجرّد ملاقاة النجاسة ، بعد معرفة أنّ ملاقاتها توجب الانفعال من دون التفاته واستشعاره إلى ما ذكر ، والسراية الحقيقيّة التي بطلانها غنيّ عن البيان ، والتعبّد الشرعيّ الذي لا داعي إلى التزامه بعد محكّميّة العرف ، وحكمهم بالانفعال بمجرّد الملاقاة ، واستنادهم في حكمهم هذا إلى نفس الملاقاة والاتصال ، وعدم فرقهم في حكمهم هذا بين الوارد والمورود ، والعالي والسافل . نعم قد اُستثني من الكلّيّة المذكورة موارد : موردان منها إجماعيّان ، وهما : ماء الاستنجاء ، وسيأتي إن شاء الله . والجزء العالي الذي قال في بيان حكمه ( قدس سره ) : ( نعم العالي منه المتّصل بالوارد من الماء على النجاسة مع سيلانه طاهرٌ قطعاً ) الذي علَّق عليه الأُستاذ بشرط أنْ يكون العلوّ تسنيماً أو تسريحاً يشبه التسنيم ، لأنّه المتيقّن من معقد الإجماع على الطهارة على ما ادّعاه الطباطبائي في مصابيحه وبعض أفاضل تلامذته في مقابيسه - على ما حُكي - ولأنّه الذي يقتضيه ما استند إليه سيّد الرياض من عدم معقوليّة سراية النجاسة من السافل إلى العالي ، وإنْ كان فيه ما لا يخفى ، ولأنّ في التسريح الذي لا يشبه التسنيم يحكم بعصمة الجزء العالي بالجزء السافل ، للوحدة فيما إذا بلغ حدّ الكرّيّة ، فليكن في طرف الانفعال أيضاً كذلك ، أي يحكم بأنّ نجاسة السافل مستلزمة لنجاسة العالي ، لأنّ مستنده ثمّة لم يكن إلاّ صدق الوحدة ، وهي هنا موجودة . فإنْ قلتَ : الوحدة مع التسنيم والتسريح المشبّه به أيضاً مسلّم ، فلِمَ لا يحكم بتنجيس تمامه ؟ قلتُ : سيأتي عدم مسلّمية الوحدة ، ومع تحقّقها سيأتي عن فاضل الكشف