وكيف كان فالأقوى طهره بالماء المعتصم وأنّه لايضرّه التغيير مع بقاء صدق المطلق على المجموع بعد الامتزاج لوجوه لعلّ مرجع اثنين منها إلى واحد . الأوّل : القطع بعدم اختلاف الماءين الممتزجين غاية الامتزاج بحيث اتّحدا وارتفع عنهما الاثنينية ، إذ لو لم يطهر لزم إمّا التزام اجتماع حكمين مختلفين في ماء واحد ، أو التزام نجاسة المعتصم وهو مخالف لأدلّة اعتصامه . الثاني : أنّ المضاف النجس يصير ماءً مطلقاً فيطهر بامتزاجه بالكثير المطلق اجماعاً ، كما تقدّم في تطهير القليل المنفعل . ودعوى اعتبار كون الامتزاج بالكثير بعد صدق كونه ماءً مطلقاً ، والمفروض أنّ اطلاقه بالامتزاج فلا مطهّر له بعد صيرورته مطلقاً مدفوعةٌ ، بأنّ المقصود من الامتزاج تلاشي الأجزاء ولو قبل صيرورته ماء مطلقاً ، إذ المفروض انعقاد الإجماع على أنّ الماء المطلق المتلاشي في أجزاء الكثير لا يقبل النجاسة العارضة لاتّحاده مع الكثير ، ولا يتحمّل النجاسة السابقة الكائنة فيه لتعاند التحمّل مع وحدته للكثير الغير المتحمل لها بوجه ، كما هو المفروض بسبب مخالفته لأدلّة اعتصامه . وهذا وجه ارجاع هذا الوجه إلى سابقه . الثالث : استفادة ذلك مما دلّ على عدم انفعال الماء الكثير بوقوع الأبوال النجسة والدم والعذرة فيه ، إذ من المعلوم أنّ هذه النجاسات توجب صيرورة أجزاء يسيرة من الماء مجاورة لها مضافة بملاقاتها ، بل صيرورتها هي بنفسها مضافة بسبب خلطها مع الماء . وقد حكم الشارع بطهر الجميع ، وهو لا يكون إلاّ بالاستهلاك ، فعلم منه أنّ استهلاك المضاف النجس بالكثير المطلق مطهّر له . ومن ذلك كلّه تبيّن أنه لا يضرّ تغيير الماء بصفة المتنجّس ما لم تكن حاصلة من النجاسة عند بقاء صدق الإطلاق في الماء ، وكون المطلق معتصماً لكثرته . ومنه يتبيّن أنّه لو خرج بعض الكرّ الملقى عن الإطلاق لا ينفع بقاء الاطلاق للباقي في التطهير ، لأنّ المطلق القليل غير معتصم والمضاف باق بنجاسته عند ملاقاته ، فينفعل البقية بملاقاة النجس . ولعلّ هذا هو وجه اعتبار الشيخ القاء