ويظهر من الشيخ الأُستاذ في طهارته سلامة الأصل في الملاقي - حينئذ - كما كان سالماً قبل الصبّ ، ولعلّه نظر إلى أنّ الملاقي ليس في عرض الطرف الآخر ، بل هو في طوله كما هو حاله بالنسبة إلى المنصب ، أو أنّ أصله كان سليماً قبل الصبّ فكذا بعده ، لأنّ الصبّ لم يصيّره طرفاً ولم يتعلّق به - أيضاً - علم كما في صورة وجود ملاق للطرف الآخر الذي هو في عرضه . وعندي عدم تماميتهما لانقلاب صفة الطولية بالعرضية بعد الانصباب ، لما عرفت من أنّه من مراتب وجود المنصب حينئذ ، ولكونه من طرف متعلّق العلم الإجمالي - حينئذ - لا قبله ، لأنّه قبل الصبّ لم يكن ثالث الأطراف كما توهّمه بعض ولو نفس أحد الطرفين لوجودهما بأنفسهما بصفة الغيرية له ، بخلافه بعد الصبّ فإنّه يحلف القاطع أنّ النجس الذي أعلمه في البين في أحد هذين ، فهو نظير ما لو كان هنا شيء مشكوك النجاسة ، ثم بعد وجود آخر في مقابله حصل القطع بأنّ النجاسة موجودة قائمة بأحدهما ، فالأصل في الأوّل قبل وجود الثاني كان سليماً ، وبعد وجوده صار متعارضاً لصيروته حينئذ طرفاً للعلم . إذا عرفت تلك الاُمور تبيّن لك أنّ استعمال كلا المشتبهين في رفع الحدث مع التنبّه محرّم ، لكونه مأموراً بالاجتناب عنهما مقدمة للاجتناب عن النجس المعلوم إجمالا ، ولا يجتمع الأمر بالاجتناب مع الأمر بالاستعمال . وهذا معنى قول الماتن ( قدس سره ) : ( بل لو تعاقبا على رفع الحدث لم يرتفع ، ولو بأن توضأ من أحدهما ، ثم غسل بالثاني ، ثم توضأ منه مع التنبّه ) ولذا لو غفل عن الأمر بالاجتناب وتوضأ بهما على التعاقب مع تطهير المحلّ بالماء الثاني صحّ وضؤوه ، لارتفاع النهي عنه بالغفلة ووقوع وضوئه بماء طاهر بقصد القربة ، بل مع التنبّه أيضاً يمكن أن يقال بوجوب الوضوء المذكور مع ضمّ التيمّم ، بل هو الأحوط ، لما سبق من أنّ النهي عن الاستعمال تشريعي ، وهو مرتفع بالاحتياط . وليس هناك مانع - حينئذ - سوى ما يتخيّل من نجاسة بدنه بالنجس الواقعي