تلك الأوعية على ما يبلغ ماؤها كرّاً . كما يشهد له التفصيل بين متفسخ تلك الميتات المراد به النتن الذي يتغيّر الماء بريحه ، وغير متفسّخها الغير المنتنة ، كما يفصح عنه لفظ " الطرية " ، للإجماع - حتى من العماني القائل بعدم الانفعال - على أنّ الماء القليل لا يتفاوت حاله عند ملاقاته الميتة بين كونها متفسّخة أو غير متفسّخة ، فلا بدّ من حمل مورد الخبر على الكرّ كلزوم الكناية عن نتنها بتفسّخها ، ليخرج عن خلاف الإجماع ، كما ردّ الخبر بعضهم لذلك ، وقوله ( عليه السلام ) : " نحو حبّي هذا " [1] في تحديد الكرّ ، وقول أبي عبد الله ( عليه السلام ) لمّا سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة أنّها تردها الكلاب - إلى أن قال ( عليه السلام ) - : " وكم قدر الماء ؟ فقيل : إلى نصف الساق والى الركبة ، فقال : توضأ منه " [2] . وقوله ( عليه السلام ) : " لا تشرب من سؤر الكلب إلاّ أن يكون حوضاً كبيراً يستقى منه " [3] ، بعد جبر سند غير الصحيح منها بالشهرة المحققة والإجماع المدّعى ، فالمسألة غير قابلة للشكّ بحمد الله . قوله ( قدس سره ) : ( ويطهر النابع بزوال التغيير ولو من قبل نفسه ، لأنّ له مادة ) الأقوى عدم طهره بذلك وتوقّفه على المزج بما يخرج من مادته بعد الانفعال كما علّقه شيخنا بقوله : " الأقوى أنّه لا يطهر إلاّ بامتزاجه بما ينبع منه بعد الملاقاة " لما قدّمناه من أنّ من شرط التطهير ورفع القذارة عن المحلّ وصول المطهّر إليه وتّأثيره فيه ، ومع عدم المزج لا يصدق الملاقاة والإصابة والوصول ، فلا يطهر بمجرّد الاتصال والاتحاد . فإن قلت : فلم اكتفيتم بمجرّد زوال التغيير في الجاري ؟ قلت : ليس الوجه فيه مجرّد الاتصال بالمادة أو صدق الاتحاد ، بل إنّما هو لحصول المزج بالمعتصم ، كما لا يخفى هذا ، مع أنّ الاتصال هنا بالمادة في بعض
[1] الوسائل 1 : 122 ، الباب 10 ، من أبواب الماء المطلق ، ح 7 . [2] الوسائل 1 : 119 ، الباب 9 ، من أبواب الماء المطلق ، ح 12 . [3] الوسائل 1 : 117 ، الباب 9 ، من أبواب الماء المطلق ، ح 3 .