ثمّ إنّ الموجود في كلام المصنّف وغيره من الأصحاب لفظ « المؤامرة » و « الاستئمار » وهما مأخوذان من الأمر ، وهو أعمّ من الإيجاب ، فلا يختصّ بالإيجاب - كما قد يتخيّل - فإذا أوجب أو ندب كان أمراً ، سواء قلنا بأنّ الأمر مطلق الطلب أو قلنا : قول « افعل » لأنّ العارض غير المعروض واسم اللفظ ليس متّفقاً مع المسمّى في المعنى . والتحقيق كما تقدّم أنّ الحكم يتبع الشرط ، فإن شرط الإيجاب أو الندب أو الإذن اُتّبع وإن جعل له مع أمره الخيار اُتّبع . والحاصل أنّ المدار على الشرط في الأمر والمأمور ، وكيفيّة الأمر وفي الإسقاط ، وفي تمليك خارجيّ ، وغير ذلك كما تقدّم . قال المصنّف : ( فإن قال المستأمر : فسخت أو أجزت ، فذاك ، وإن سكت فالأقرب اللزوم ، ولا يلزم الاختيار ، وكذا من جعل له الخيار ) يمكن أن يقرأ بالبناء للمجهول ويكون قوله : « فسخت » أو « أجزت » كناية عن الأمر بالفسخ والإجازة ، وبالبناء للفاعل ويبقى قوله : « فسخت » أو « أجزت » على ظاهره . والمراد بالسكوت إمّا الأعمّ من السكوت عن الاستئمار أو عن الفسخ والإجازة بعده ، أو الثاني فقط ، وهو الأظهر . وأيّاً مّا كان فليس فيه مخالفة لما هو المشهور بين الأصحاب من أنّ المستأمر - بفتح الميم - ليس له الفسخ ولا الالتزام وإنّما إليه الأمر والرأي خاصّة . ودعوى ظهور العبارة في الوجه الأوّل - بقرينة قوله : « ولا يلزم الاختيار » وقوله : « وكذا من جعل له الخيار » - ممنوعة لأنّ الّذي ينبغي أنّ ينبّه عليه عدم لزوم الاختيار على المستأمر - بالكسر - بعد توجّه الأمر إليه كما نبّه عليه الأصحاب . أمّا المستأمر - بالفتح - فلا وجه للزوم الاختيار عليه حتّى ينبّه عليه . والظاهر أنّ المراد بالعبارة الثانية تشبيه المجعول له الخيار بالواسطة بالمجعول له ابتداءً . وأمّا المستأمر - بالفتح - فلا حظّ له في الخيار بوجه حتّى يناسب فيه التشبيه وقول المصنّف : « الأقرب » يشعر بأنّه هناك وجه آخر قريب ، ولم أتحقّقه .