وقبول الأصحاب جوائز الأُمويين والعباسيين [1] ، والعلماء جوائز السلاطين ; أبين شاهد على ذلك . ولكن القول بكراهة أخذها ، مع عدم إخبارهم بإباحتها ; قريب ، لمنافاته الاحتياط ، وفحوى حكم كسب الصبيان ومَن لا يتجنّب الحرام [2] ، ولما يظهر من نقل الإجماع [3] . والأقوى استحباب التجنّب مطلقاً ، لما دلّ على رجحان التعفّف [4] وعزّة النفس [5] ، والتباعد عن منّة الفسّاق والفجّار [6] ، بل التجنّب عن منّة الخلق جميعاً أولى [7] ، غير أنّه لو حصلت مرجّحات أقوى منها غلبت عليها ، كما إذا كان الغرض التوصّل إلى طلب العلم ، وإعانة الفقراء ، وصلة الأرحام ، وغير ذلك ، فإنّه ينقلب الرجحان ، وعليه يحمل اختلاف حالي أبي الحسن ( عليه السلام ) في القبول والردّ [8] ، مع أنّ في الروايات ما يشهد
[1] نفس المصدر / الباب المذكور / الحديث ( 1 ) و [2] وغيرهما . ( 2 ) نفس المصدر / الباب ( 33 ) من أبواب ما يكتسب به / الحديث ( 1 ) ، ونفس المصدر / الباب ( 51 ) من أبواب آداب التجارة / الحديث ( 1 ) و ( 2 ) . [3] فقد نفى عنه الخلاف المحدّث البحراني ، في : الحدائق الناضرة : 18 / 261 . [4] وسائل الشيعة / كتاب الجهاد / أحاديث الباب ( 22 ) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، وأحاديث الباب ( 67 ) منها ، و : بحار الأنوار : 71 / 268 - 274 / باب العفاف وعفة البطن والفرج . [5] بحار الأنوار : 75 / 105 - 112 / باب غنى النفس والاستغناء عن الناس واليأس عنهم . [6] لاحظ على سبيل المثال : بحار الأنوار : 91 / 375 / الحديث ( 32 ) من باب صلاة الحاجة ودفع العلل والأمراض ، و : التهذيب : 6 / 330 / الحديث ( 35 ) من باب المكاسب . [7] لاحظ وصيّة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لولده الحسن ( عليه السلام ) : بحار الأنوار : 77 / 217 . [8] لاحظ ما تقدّم في الهامشين ( 2 ) و ( 3 ) من الصفحة السابقة .