( وهو ) بمعنى العمل - ويتضح بمعرفته معنى العلم - أمر يعرفه العاملون ، ويطلّع على حقيقته الساحرون ، فلو اشتبه على غيرهم اشتباه الحيض على غير النساء ، واشتباه بعض أنواع القمار على غير المقامرين ; لم يشتبه عليهم ، ولو خفي بالنسبة إلى الناس لم يخف بالنسبة إليهم . والذي عُلم من التطلّع على أحوالهم ، وإمعان النظر في أفعالهم ، أنّه في إجماله : ما لطف مأخذه ودقّ [1] ، أو صَرْف الشيء عن وجهه [2] ، أو إخراج الباطل في صورة الحقّ [3] ، أو الخديعة [4] ، على إختلاف في كلام اللّغويين . وفي تفصيله [5] عند الفقهاء خلاف . فمنها : ما ذكره هنا - موافقاً لجمع من الفقهاء [6] - من أنّه ( كلام يتكلّم به أو يكتبه أو رُقية أو يعمل شيئاً يؤثّر في بدن المسحور ) أي : متعلّق العمل المعلوم ( أو قلبه أو عقله من غير مباشرة [7] ) مع إضافة الأقسام
[1] الصحاح للجوهري : 1 / 555 . [2] النهاية لابن الأثير : 2 / 346 . [3] قاله ابن فارس في : مجمله . انظر : مفتاح الكرامة : 4 / 69 . [4] قال الجوهري ، في : الصحاح : 1 / 555 : « وسَحَرَه أيضاً بمعنى خَدَعَه » . [5] في بعض نسخ الطائفة الأُولى : ( تفسيره ) بدل ( تفصيله ) . [6] كالفاضل المقداد ، فقد عرّفه بذلك حرفاً بحرف ، في : التنقيح الرائع : 2 / 12 . [7] قال الشهيد الثاني ، في : فوائد القواعد : 518 ، شارحاً عبارة الماتن : « المراد بالتأثير هنا ما يشمل الفعل والقوّة ] بأن ظ [ يفعل شيئاً من شأنه أن يؤثّر ، إذ لا يشترط في تحريمه حصول التأثير بالفعل . وعلى إرادة التأثير فعلاً يمكن - على تكلّف - إخراجه بقوله : « أو بقلبه » بعد قوله : « بدنه » ، فإنّ التأثير في القلب يتحقق بوجود أثره فيه وإن لم يضره ، كما إذا تخيّل الحيّات الساعية ونحوها ، فانّه يفيد في القلب تأثيراً في الجملة ، وهو خلاف تأثيره في البدن ، فإنّ ظاهره كونه محض الضرر » .