كتحريم الزنا ، أخباره متواترة ، وأدلّته متكاثرة ، عُبّر عنه بقول الزور ولهو الحديث في القرآن [1] ، ونادت الأخبار بأنّه المحرّك على الفجور والعصيان [2] ، فكان تحريمه من الأمور العقلية التي لا تقبل تقييداً ولا تخصيصاً بالكليّة ، وكيف يخطر بالبال أو يجري في الخيال أنْ يقع مثل هذا الكلام من سادات الأنام ، الآمرين بترك الشبهات خوفاً من الوقوع في المحرّمات ؟ [3] مع أنّه مؤذن بجواز ما فيه معظم اللهو عن ذكر المعاد ، ومدن إلى الزنا واللواط اللذين هما رأس الفساد ، على أنّ في ضعف دلالة تلك الأخبار ما يخرجها عن محلّ الاعتبار ، وموافقتها للتقيّة [4] يرفع اعتبارها في مقابلة ما مرّ بالكليّة . ولو كانت في غاية الكثرة ما عادلت ، فكيف مع أنّها في نهاية الندرة ؟ ! ولو فُرِّق بين الحقّ والباطل لرأيته من القسم الثاني بديهة [5] ، وربّما كان قبحه في غير الأعراس أقلّ منه فيها .
[1] كما نصّت على ذلك الروايات الواردة عن أهل البيت ، فراجعها في : وسائل الشيعة / كتاب التجارة / الباب ( 99 ) من أبواب ما يكتسب به / الحديث [2] و [3] و [5] و ( 6 ) و ( 7 ) و ( 8 ) و ( 9 ) و ( 11 ) و ( 15 ) و ( 16 ) و ( 19 ) و ( 20 ) و ( 21 ) و ( 24 ) و ( 25 ) و ( 26 ) . ( 2 ) المصدر السابق : الحديث ( 10 ) و ( 23 ) و ( 30 ) و ( 31 ) . ( 3 ) وسائل الشيعة / كتاب القضاء / الباب ( 12 ) من أبواب صفات القاضي / الحديث ( 2 ) و ( 9 ) و ( 13 ) و ( 15 ) و ( 22 ) و ( 25 ) و ( 26 ) وغيرها . [4] لما عليه بعض العامة من الجواز ، انظر : الخلاف : 6 / 305 - 307 مسألة ( 54 ) و ( 55 ) . ( 5 ) إشارة إلى المروي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، المتقدّم نقله في الهامش ( 1 ) من ص ( 86 ) ، وإلى ما رواه زرارة « عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنّه سئل عن الشطرنج ، وعن لعبة شبيب التي يقال لها لعبة الأمير ، وعن لعبة الثلث ، فقال : أرأيتك إذا ميّز الله بين الحق والباطل مع أيّهما تكون ؟ قال : مع الباطل ، قال : فلا خير فيه . » : وسائل الشيعة / كتاب التجارة / الباب ( 102 ) من أبواب ما يكسب به / الحديث ( 5 ) . وما رواه الفضيل قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناس : النرد والشطرنج حتى انتهيت إلى السدر ، فقال : إذا ميّز الله الحق من الباطل مع أيّهما يكون ؟ قال : مع الباطل ، قال : فما لك وللباطل » : وسائل الشيعة / كتاب التجارة / الباب ( 104 ) من أبواب ما يكتسب به / الحديث ( 3 ) .