نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 404
" والذين صبروا " على الطاعات واجتناب المعاصي مما تكرهه النفس ويخالفه الهواء " ابتغاء وجه ربهم " قيل طلبا لثواب الله وطلبا لمرضاته ، وامتثالا لأمره مخلصا لذلك لا لغرض آخر ، مثل رياء وسمعة أن يقال ما أصبر فلانا على البلاء وما أحمله ، ولئلا يشمت به الأعداء كقول معاوية لحسن بن علي عليه السلام لما عاده في مرضه وقام إليه : بتجلدي للشامتين أريهم * أني لغيض الدهر لا أتضعضع [1] وأنشد الحسن بن علي عليه السلام بيتا آخر من هذه القصيدة : وإذا المنية أنشبت أظفارها * رائيت كل تميمة لا تنفع [2] وأشار إليه في المطول . والعجب أن معاوية ما عرف أن الشماتة فيما فعل أكثر لأنه أطهر أنه ضعيف ، وإنما تجلد لعدم الشماتة ، وفيه عين الشماتة ، مع عدم حياء ، وأذى حصل له من البيت الثاني . قال في الكشاف : صبروا مطلق فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ومشاق التكاليف ، ابتغاء وجه ربهم لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل ، وأوقره عند الزلازل ، ولا لئلا يعاب بالجزع ، ولئلا يشمت به الأعداء كقوله بتجلدي للشامتين أريهم ، ولا لأنه لا طائل تحت الهلع أي الجزع ولا مرد فيه للفائت ، ونقل شعرا : ثم قال : وكل عمل له وجوه يعمل عليها فعلى المؤمن أن ينوي منها ما به كان حسنا عند الله وإلا لم يستحق به الثواب وكان فعله كلا فعله انتهى . بل قد يكون معاقبا بالفعل بل قد يكون شركا كما قيل في الريا ، فالفعل ليس كلا فعله ، ففيها دلالة على الترغيب بجميع العبادات والصبر على جميع المصائب ، في الأفعال والتروك والأقوال وغيرها ، وعلى وجوب النية والاخلاص رزقنا الله وإياكم . " وأقاموا الصلاة " فعلوها على الوجه المأمور به ، وقيل داوموا على فعلها " وأنفقوا في سبيل الله " وجوبا أو ندبا " مما رزقناهم " أي من الحلال الذي يجوز الأرزاق والانفاق منه إذ الحرام ليس كذلك ، بل ليس برزق منسوب إلى الله تعالى