نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 350
" وجادلهم بالتي هي أحسن " هذه تدل على جواز البحث والجدل في العلم بطريق ظاهر حسن ، وتحريمه وعدم جوازه لا على ذلك الوجه المرضي الحسن ، فهي مخصصة لما دل على النهي عن ذلك وتحريمه ، مثل لا تمار فإن المؤمن لا يماري ، و هو ظاهر . " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه [1] " في الكشاف كان من الجن كلام مستأنف جار مجرى التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين ، كأن قائلا قال : ما له لم يسجد ؟ فقال كان من الجن ففسق عن أمر ربه ، والفاء للتسبيب أيضا : جعل كونه من الجن سببا في فسقه يعني أنه لو كان ملكا كسائر من سجد لآدم ، لم يفسق عن أمر الله [ كسائر الملائكة ] لأن الملائكة معصومون البتة لا يجوز عليهم ما يجوز على الجن والإنس ، كما قال : " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [2] " ومعنى فسق عن أمر ربه خرج عما أمره به من السجود وقال أو صار كافرا بسبب أمر ربه الذي هو قوله سبحانه " اسجدوا لآدم " هذا مبني على مذهب المعتزلة أن كل ذنب كفر فالظاهر أن معنى الآية ففسق بسبب ترك أمر ربه فترك أمر ربه ففسق وهو ذنب وخروج عن الطاعة ، موجب للعقاب . ففيها دلالة على كون الأمر للوجوب كما في قوله تعالى في الأعراف : " ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك [3] " الآية ، حيث وبخ على ترك السجود والمأمور به بمجرد ترك الأمر ، وهو أحسن مما استدلوا به وهو ظاهر . بقي هنا سؤال هو أن ظاهر الآية كون إبليس غير ملك ، وقد صرح في تفسيره به ، ولم يكن داخلا في المأمورين بالسجود فلا يحسن الاستثناء ولا معنى للذنب و التوبيخ فيمكن أن يقال إنه ما كان داخلا فيهم ، وإنما عبر بالملائكة تغليبا أو كان ملكا ولكن لما كان شأن الملك أن لا يعصي ربه وقد عصى ربه فكأنه ليس بملك