نام کتاب : روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 32
ولمّا فرغ من حمد اللَّه والثناء عليه بما هو أهله توسّل في تحصيل مرامه بالدعاء للأرواح المقدّسة المتوسّطة بين النفوس الناقصة المنغمسة في الكدورات البشريّة ، وبين المبدأ الفيّاض المتنزّه عن شوائب النقص في استفادة العنايات والأنوار منه وإفاضتها عليها بقوله : ( وصلَّى اللَّه ) من الصلاة المأمور بها في قوله تعالى : * ( صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا ) * [1] . وكان الأحسن أن تقرن الصلاة عليه بالسلام ، كما يقتضيه ظاهر الآية ، لكنّ أصحابنا جوّزوا أن يراد بقوله : * ( وسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) * [2] أي : انقادوا لأمره انقياداً ، كما في قوله : * ( فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) * إلى قوله : * ( ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) * [3] فلذلك سهل الخطب عندهم في إفراد الصلاة عن السلام وإن احتمل أن يراد به التحيّة المخصوصة لعدم تحتّم ذلك . والصلاة : الدعاء من اللَّه وغيره ، لكنّها منه مجاز في الرحمة ، كما قال بعضهم . وقال آخرون : هي منه الرحمة . ويرجّح الأوّل أنّ المجاز خير من الاشتراك ، وقوله تعالى : * ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ ) * [4] فإنّ العطف يقتضي المغايرة . وربما يرد هذا على الأوّل أيضاً ، لكن يمكن دفعه بأنّ التصريح بالحقيقة بعد إرادة المجاز يفيد تقوية المدلول المجازيّ ، ولجأ بعضهم إلى أنّها من اللَّه تعالى بمعنى الرضوان حذراً من ذلك . والأولى في الجواب عن ذلك : المنع من اختصاص العطف بلزوم المغايرة فإنّ من أنواع « الواو » العاطفة عطف الشيء على مرادفه ، كما ذكره ابن هشام في المغني [5] . وذَكَر من شواهده قوله تعالى : * ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ ) * [6] وقوله تعالى : * ( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وحُزْنِي إِلَى الله ) * [7] ونحو * ( لا تَرى فِيها عِوَجاً ولا أَمْتاً ) * [8] وقوله عليه السلام : صلَّى اللَّه عليه وآله : « لِيَلِيني منكم ذوو الأحلام والنهى » [9] .