نام کتاب : روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 29
وأولويّة تقديم هذه الفقرة على ما بعدها مبنيّة على أشرفيّة الصفات الثبوتيّة على السلبيّة بناءً على أنّها وجوديّة والوجود أشرف من العدم . وفيه بحث في محلّ يليق به ، ولا يخفى خلوّ افتتاح المقال من براعة الاستهلال . ( المتنزّه ) من النزاهة بفتح النون وهي البُعْد ، أي المتباعد ( عن مشابهة الأعراض والأجسام لحدوثهما واللَّه تعالى قديم واجب الوجود ، كما برهن عليه في محلَّه . وتعبيره بالبُعْد عن المشابهة كناية عن نفي المشابهة أصلاً ، لا أنّ بينهما مشابهةً بعيدة ، وهذه قاعدة معروفة من قواعد العرب يعبّرون بهذا وما جرى مجراه ، ومرادهم بذلك المبالغة في النفي وتأكيده . ومن القاعدة قولهم : فلان بعيد عن الخنا [1] وغير سريع إليه . قال المرتضى رضي اللَّه عنه : يريدون أنّه لا يقرب الخنا ، لا نفي الإسراع إليه حسب . [2] . وهكذا القول في البُعْد عن المشابهة في كلام المصنّف يراد به عدمها أصلاً ، لا حصولها على بُعْدٍ . قال رحمه اللَّه : ومنها : قوله تعالى : * ( الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) * [3] * ( ولا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ) * [4] و * ( لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ) * . [5] . ومن كلامهم : فلان لا يرجى خيره ، وليس مرادهم أنّ فيه خيراً لا يرجى ، وإنّما غرضهم أنّه لا خير عنده على وجه من الوجوه . وقول بعضهم : لا تُفْزِعُ الأرْنَبَ أهوالُها * ولا ترى الضبّ بها يَنْجَحِر أراد ليس بها أهوال تفزع الأرنب ، ولا ضبّ بها فينجحر . وقول الآخر : من أُناس ليس في أخلاقهم * عاجلُ الفحش ولا سوءُ الجَزعْ