نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 401
إلى كافّة الخلق بواسطة النفوس الكاملة مِنْ أوتاد الأرض ونحوِهم ، ولا يَخْلو الموقِفُ مِنْ طائفةٍ مِن الأبدال والأوتاد وطوائفَ مِن الصالحينَ وأربابِ القلوب ، فإذا اجْتَمَعَتْ هِمَمُهُمْ ، وتَجَرّدتْ لِلضراعة نفوسُهم ، وارْتَفَعتْ إلى الله تعالى أيدِيهِم ، وامْتَدّتْ إليه أعْناقُهم ، يرمقون بأبصارهم جِهةَ الرحمة طالبين لها ، فلا تَظُنّنّ أنّه يَخِيبُ سَعْيُهُم مِن رحمةٍ تَغْمُرُهُمْ . ومِن هنا جاء ما تقدّم [1] مِن الحديث : « إنّ الشيطانَ ما رُئِيَ أدْحَرَ ولا أحْقَرَ ولا أصْغَرَ منه يومَ عَرَفَةَ ، وذلك لِما يَرى مِنْ نزول الرحمة على الخلق » . وربما كان اجتماعُ الأُمَم بعرفاتٍ والاستظهارُ بمجاوَرَةِ الأبدالِ والأوْتادِ المجتمِعينَ مِن أقطار الأرض هو السرّ الأعظمُ مِن الحجّ ومقاصِدِه ، فلا طريقَ إلى اسْتِنْزالِ رحمة الله أعظمُ مِن اجتماع الهِمَم وتعاوُنِ القلوبِ في وقتٍ واحدٍ على صعيدٍ واحدٍ . وأمّا الوقوفُ بالمَشْعَر فَلْيَسْتَحْضِرْ أنّه قد أقبَلَ عليه مولاه بعدَ أنْ كان مُدْبِراً عنه ، طارداً له عن بابه ، فأذِنَ له في دخول حرمه فإنّ المَشْعَرَ مِن جملة الحرم وعَرَفَةَ خارجة ، فقد أشْرَقَتْ عليه أنوارُ الرحمة ، وهَبّتْ عليه نَسَمَاتُ الرأفة ، وكُسِيَ خِلَعَ القبول بالإذنِ في دخول حرم المَلِك . وأمّا رميُ الجِمار فَلْيَقْصِد به الانقيادَ لأمره وإظهارَ الرِّقّ والعبوديةِ ، ثمّ لْيَقْصِدْ به التشَبّهَ بإبراهيمَ عليه السلام حيث عَرَضَ له إبليسُ لعنه الله في ذلك الموضِع لِيُدْخِلَ عليه شبهةً أو يَفْتِنَه بمعصيةٍ ، فأمَرَه اللهُ تعالى برَمْيه بالحِجارة طَرْداً له وقطعاً لأمله . فإنْ خَطَرَ له أنّ الشيطانَ عَرَضَ لإبراهيمَ عليه السلام