نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 400
التعلُّقِ بالستْر الإلحاحَ في طلب الرحمة ، وتوجيهَ الذهن إلى الواحد الحقّ ، وسؤالَ الأمان من عذابه ، كالمُذْنِبِ المتعلَّق بأذيالِ مَن عَصاه ، المُتَضَرّعِ إليه في عفوه عنه ، المعترِفِ له بأنّه لا ملجأ منه إلا إليه ، ولا مَفْزَعَ له إلا عفوُه وكرمُه ، وأنّه لا يُفارِقُ ذَيلَه إلا بالعفو ، وبذلِ الطاعة [1] في المستقبَلِ . وأمّا السعيُ بينَ الصفا والمروة في فِناء البَيت فمثال لتردّد العبد بفِناء دار المَلِك جائياً وذاهباً مرّةً بعدَ أُخرى إظهاراً للخُلوص في الخدمة ، ورجاءً لملاحَظَته بعَينِ الرحمة ، كالذي دَخَلَ على المَلِك وهو لا يَدْري ما الذي يَقْضي المَلِكُ في حقّه مِن قبولٍ أو ردّ ، فيكون تردّدُه رجاءَ أنْ يَرْحَمَه في الثانية إنْ لم يكنْ رَحِمَه في الأُولى . ولْيَتَذَكَّرْ عندَ تردّدِه بينَ الصفا والمروة تردّدَه بينَ كفّتي الميزانِ في عرصة القيامة ، ولْيُمَثّلِ الصفا بكفّة الحَسَناتِ والمروة بكفّة السيّئاتِ ، ولْيَتَذَكَّرْ تردّدَه بينَ الكفّتينِ ، ملاحِظاً للرجحانِ والنقصانِ ، متردّداً بينَ العذاب والغُفْران . وأمّا الوقوفُ بعرفَةَ فَلْيَتَذَكَّرْ بما يَرى مِن ازدحامِ الناسِ وارتفاع الأصواتِ واختلافِ اللغات ، واتّباعِ الفِرَقِ أئمّتهم في التردُّداتِ على المشاعِر اقتفاءً بهم وسَيْراً بسيرتهم عَرَصاتِ القيامةِ ، واجتماعَ الأُمم مع الأنبياء والأئمّة ، واقتفاءَ كلّ أُمّةٍ أثرَ نبيّها وإمامِها ، هادياً كان أم مُضلا ، وتحيّرهم في ذلك الصعيدِ الواحدِ بينَ الردّ والقبولِ . وإذا تَذَكَّرَ ذلك فَلْيُلْزِمْ قلبَه الضراعةَ والابتهالَ إلى الله تعالى في أنْ يَحْشُرَه في زُمْرة الفائزينَ المرحومينَ . ولْيَكُنْ رجاؤه أغلبَ فإنّ الموقِفَ شريف ، والرحمة إنّما تَصِلُ مِن ذي الجلال