بوجه ، بل هو في الدلالة على أنها من الليل أظهر ؛ لأن ظلام الليل أنسب بإبليس : وجنوده ، وسلطانه فيه أقهر ، ودولته فيه أظهر ، فناسب أنه يبثّ جنوده في أوّل الليل وآخره ، فإنه من سنخ الظلام الذي هو عدم النور وغشاؤه ، فتفطَّن . وأمّا مثل ما ورد « إن الله تعالى ينادي كلَّ ليلة من أوَّل الليل إلى آخره » ، وفي بعضها « إن الله تعالى ينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل الليل إلى آخره : ألا عبد مؤمن يدعوني لدينه ودنياه قبل طلوع الفجر [1] » . وفي الثاني « هل من سائل فأعطيه [2] » . وفي آخر « هل من عبد مؤمن يدعوني لدينه ودنياه قبل طلوع الفجر إلى قوله : فما يزال ينادي بهذا إلى طلوع الفجر أو - : إلى أن يطلع الفجر [3] » . وما أشبه هذه الأخبار ! فمعناها : أنه يخبر ويعد من فعل ذلك قبل طلوع الفجر في أيّ ليلة كانت ، سواء كان في تلك الليلة أو غيرها . وحاصله : الحثّ على عبادة الله ، والدعاء ، والاستغفار في جوف الليل مطلقاً ، لا بخصوص ليلة شخصيّة ، فليس فيه دلالة على خروج ما بعد الفجر عن الليل بوجه . وعلى كلّ حال لا يعارض ما قدّمناه من الأدلَّة القطعيّة . وأمّا مثل ما ورد في تعقيب صلاة الصبح من مثل قولهم عليهم السلام « الحمد لله الذي أذهب الليل بقدرته ، وجاء بالنهار برحمته [4] » ، فمعناه أنه يحمد الله على نعمته المستقبلة بالنهار المستقبل المقطوع بمجيئه بسبب تحقّق الفجر الذي هو من فاضل نوره ، فطلوع الفجر دليل على النهار ولازم له . ومثله قولهم عليهم السلام فيه أيضاً « الحمد لله على إدبار الليل وإقبال النهار [5] » ، بل هذا أوضح فيما ذكرناه .
[1] الفقيه 1 : 271 / 1237 ، عدّة الداعي : 37 ، وفيهما : « لينادي » . بحار الأنوار 80 : 112 / 19 . وقد نقله عن ( عدَّة الداعي ) بدون لفظ : « الجمعة » . وما في نسخة ( العدَّة ) التي بين أيدينا جاء الأثر بهذا اللفظ . [2] الفقيه 1 : 271 / 1238 . [3] عدّة الداعي : 37 38 . [4] الكافي 2 : 528 / 20 . [5] المصباح في الأدعية والزيارات : 99 .