الخراسانيّ في رسالته المعمولة في المسألة ، فنقول : قال رحمه الله : ( لا ينبغي أن يشكّ أحد من أهل التحقيق في أن اليوم والنهار يستعملان في اللغة والعرف فيما بين طلوع الشمس إلى غروبها ، والليل في مقابل ذلك استعمالًا على سبيل الحقيقة ، ويستعملان في التعبيرات الشرعية أيضاً في هذا المعنى . ولا حاجة في فهم النداء في وقت الظهر من قوله تعالى * ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ الله ) * [1] ، إلى ارتكاب التخصيص أو التقييد في النداء لإخراج أذان الصبح . وإذا قيل : انتصف النهار ، أو مضى من النهار نصفه أو ثلثه أو ربعه ، لا يخطر في ذهن أحد المقايسة باعتبار مبدأ طلوع الفجر إلى غروب الشمس ؛ وبهذا الاعتبار سمّيت الدائرة المعلومة دائرة نصف النهار . وترى قاطبة الناس يقولون : يستوي الليل والنهار في بعض البلاد المعلومة ، ويستويان في أوائل الربيع والخريف ، واستوى الليل والنهار في هذا الوقت ، وصار النهار كذا ساعة ، وزاد على الليل بكذا وبالعكس ، من غير أن يحكم أحد بكون ذلك على سبيل المجاز والتوسّع . وترى العوامّ والخواصّ يقولون : مضى من النهار ساعة أو ساعتان ، ولا يتبادر إلى الأذهان سوى اعتبار طلوع الشمس . وهذه الاستعمالات شائعة بين الناس وإن لم يكن القائل من أهل الصناعات النجوميّة . ولهذا ترى أهل اللغة [2] والعرف والشرع لا يفرّقون بين الظهر وبين نصف النهار والزوال ، بل يجرون استعمال لفظ الظهر والظهيرة ، والهاجرة والقائلة ، ونصف النهار والزوال ، مجرى استعمال الألفاظ المترادفة ؛ ولهذا تورد بعض هذه الألفاظ بدل بعض في الأحاديث وألفاظ الفقهاء وكلام أهل اللغة ) . ثمّ ساق جملة صالحة من الأخبار الصريحة في أن نصف النهار هو الزوال والظهر من أخبار الصوم ، وقد مرّ ذكر طرف منها .
[1] الجمعة : 9 . [2] النهاية في غريب الحديث والأثر 3 : 164 ظهر ، القاموس المحيط 2 : 117 الظهر .